كيف أتعامل مع الرسائل أو التعليقات السلبية التي تصلني عبر الإنترنت؟
مواجهة ضغط الأقران
فهم ضغط الأقران وتِبَعاته:
من المهم جدًا فهم البيئة التي يعيش بها المراهقون (المدرسة، العائلة، الأصدقاء)، وكذلك ثقافة العائلة التي تُعتبر عاملاً رئيسيًا أيضًا في تكوين شخصياتهم. وهذا يعني أنّ المراهقين غالبًا ما يتأثرون بأسرهم ومحيطهم.
المراهقة هي المرحلة التي تبدأ فيها بتكوين هويتك الخاصّة؛ ولا شكّ أنّ هذه المرحلة قد تخلق الكثير من الارتباك لك. في هذا العمر، ونتيجةً لمنح أهمية كبيرة للأصدقاء ، قد يتفاقم هذا الأمر لفرض سلطتهم عليك. هذه الظاهرة تسمى "ضغط الأقران". وسواء عبر الإنترنت أو خارجه، يقوم المراهقون بإعطاء أهمية لأصدقائهم وللعالم الرقمي وهو ما ينعكس على وسائل التواصل الاجتماعي الخاصّة بهم، ومنشوراتهم.
بدايةً، إنّ ضغط الأقران لا يقتصر على تحدّي أحدهم للقيام بشيء ما، فغالبًا ما تكون الظاهرة أكثر دقّة. يحدث ضغط الأقران حين تجبر مجموعة من الأشخاص أفرادها على تبنّي معتقدات أو سلوكيّات معيّنة. ويرحب مجموعة منهم بمن يتبعها، وتنبذ المخالفين. لذلك عندما نقول ضغط الأقران عبر الإنترنت، فإننا نتحدث عن مجموعات من الأقران يعكسون أساليب حياتهم عبر الإنترنت، من خلال إظهار حياتهم الفاخرة وأنواع معينة من وجهات النظر والتحديات والحيل وأنواع أخرى من السلوكيات التي تسمى "بالاتجاهات" (Trends) بين الشباب. لذا، فإنّ العديد من الشباب الذين انضموا إلى هذه المجموعات يلتزمون باتجاهات معينة عبر الإنترنت كالنشر كل يوم أو كإظهار جوانب معينة من حياتهم عبر الإنترنت. هذا الأمر قد يؤدي إلى الضغط عليهم للبقاء دائمًا "عصريين". من هنا نستطيع القول بأنّ ضغط الأقران عبر الإنترنت يحمل الكثير من التأثيرات السلبية والإيجابية عليك.
ضغط الأقران الإيجابيّ عبر الإنترنت:
- احترام الآخرين من خلال كتابة تعليقات إيجابية واتباع آداب التعامل على الإنترنت.
- الوقوف في وجه السلوك السلبي عبر الإنترنت مثل التنمر عبر الإنترنت.
- الالتزام بالصدق ونشر أخبار أو صور صادقة والإبلاغ عن أيّ أخبار مزيفة أو أعمال احتيالية.
- الانضمام إلى مجموعة عبر الإنترنت ذات هدف أو معتقد جيّد، والتحدث عن هذه المجموعة من خلال كتابة منشورات ومشاركتها على حساباتك الخاصّة عبر الإنترنت.
- ضغط الأقران السّلبيّ عبر الإنترنت:
- تشجيعك على محاربة شخص ما والانخراط في مناقشات تحثّ على الكراهية عبر الإنترنت.
- التنمر الإلكتروني أو مضايقة الآخرين.
- نشر سلوك سيء عبر الإنترنت وإظهار محتوى لا تريد إظهاره بل تنشره بهدف إرضاء بعض الأقران.
- نشر الكراهية على منشورات وآراء الآخرين.
دور العلاقات الرّقميّة في ضغط الأقران:
إنّ "ضغط الأقران الافتراضيّ" يتخطّى ما يسمّى الجدران والهواتف وأولياء الأمور والحياة الاجتماعيّة المباشرة ويصل إليك أينما كنت، مما قد يجبرك على القيام بسلوك سلبي كإرسال محتوى غير لائق. كما تشكّل وسائل التّواصل الاجتماعيّ اليوم عاملاً إضافيّاً لضّغط الأقران ، مما يخلق قوة جديدة للتأثير عليك إمّا بشكل سلبي أو إيجابي.
دعونا نلقي نظرة ثاقبة على دور وسائل التّواصل الاجتماعيّ في ضغط الأقران؛ في وقتنا الحاليّ، غالباً ما نمضي ساعات على حسابات وسائل التّواصل الاجتماعيّ المختلفة لتعزيز وضعنا الاجتماعي، وقد يجبرنا ذلك على القيام بأشياء لا يجب أن نفعلها أو لا نرغب في القيام بها. فعلى سبيل المثال:
- نشعر أن الجميع يستمتعون بحياتهم حين نشاهد أصدقائنا على فيسبوك (مثلًا) يذهبون إلى حفلات في وقت متأخّر من اللّيل.
- يسيطر علينا خوف تفويت المرح، وقد يكون قويّ لدرجة أنّنا بدأنا ننجذب دون قصد إلى هذه الأنشطة.
- المراهق "الأكثر شعبيّة" في المدرسة أو الحي هو المؤثّر على وسائل التّواصل الاجتماعيّ وهو الذي يوجه التعليمات إلى الآخرين، وبناءً على ما يقول إمّا أن يتمّ قبول المراهقين الآخرين أو رفضهم.
إنّ المراهق يواجه "ضغط الأقران الافتراضيّ" تقريبًا بشكل يومي دون إدراك ذلك. ففي هذه الأيام، يستغرق الأصدقاء والزملاء والأشخاص الآخرون دقائق فقط لرفض أقرانهم وإنشاء مجموعات كراهية ضدهم. وهذا النّوع الجديد من ضغط الأقران لا ينتهي بانتهاء المراحل الدراسية بالجامعة أو المدرسة، فهو متصل بصورة دائمة.
يفترض أن تكون هذه المنصّات الإلكترونيّة مخصّصة للتّفاعل، والتعرف على المزيد من الأشخاص، ودعم الأصدقاء؛ لكنّها رغم ذلك، باتت سلاحاً للمتنمّرين الّذين يستخدمونها لنشر وجهات نظرهم حول أيّ شخص علناً ودون إدراك تأثير كلماتهم أو أفعالهم على الآخرين.
طرق مواجهة وتجنّب ضغط الأقران السّلبيّ عبر الإنترنت:
- راقب تصرفات الأشخاص الذين تتابعهم على الإنترنت وأفعالهم، واتّخذ قرارات إيجابيّة بشأن من تود الانضمام إليهم ولا تتفاعل معهم لمجرد ظهور المجموعة لك.
- هل أنت مُجبر على نشر معلومات معينة ومعتقدات لا تؤمن بها فعليًا أو إظهار ملفك الشخصي في جوانب معينة لا تريدها؟ إذا تعرضت لمثل هذه المواقف، فعليك القيام بالأمور التالية:
- قل "لا" بثقة؛ فإذا كنت لا تصدّق نفسك، فلن يصدّقك أيّ شخص آخر.
- لست بحاجة إلى الاعتذار عن شخصيّتك.
- ابحث عن صديق يشعر كما تشعر؛ فإنّه سيدعم قرارك بالرّفض، واطلب الدّعم أيضًا من والديك.
- إذا وجدت نفسك في حالة نزاع طوال الوقت، مثل الردّ على التعليقات بكراهية، أو إرسال الرسائل بنبرة سلبية قم بإنهاء هذا النزاع، وتعلّم فن التجاهل وعدم التأثر بهذه التعليقات والرسائل، لأنّ الهدف خلف هذه الكلمات السلبية هو حثك على الرد بشكلٍ سيء عبر الإنترنت.
- اِعرف سبب إعجابك بالمنشورات والصور، وانتبه لأفعالك، فأنت من يختار. لا تدع الآخرين حتّى أصدقاءك يقرّرون عنك ماذا ستفعل وبماذا ستُعجب.
- انخرط في نشاطات إيجابية عبر الإنترنت مثل الانخراط في مجموعات عبر الإنترنت لنشر الوعي حول مواضيع معينة، ويمكنك أن تصبح مؤثرًا إيجابيًا يقوم بنشر معلومات صادقة ويكون له تأثير إيجابي على المجتمع. بهذه الطريقة يمكنك أيضًا الدفاع عن الأشخاص الذين يواجهون ضغطًا سلبيًا من الأقران ودعمهم.
- إذا كنت تشعر بالحزن أو القلق دائماً أو لا تعرف كيف تتصرّف، فهذا يعني أنّك تتأثّر بضغط الأقران سواء في العالم الرّقميّ أو في العالم الحقيقيّ. لذا، عليك فهم أنّ ليس كلّ ما يتمّ نشره عبر وسائل التّواصل الاجتماعيّ هو حقيقيّ، كما يجب عليك أيضًا أن تتوقف عن مقارنة نفسك مع الآخرين، بل قارن نفسك بما كنت عليه بالأمس وركّز على تطوير ذاتك.
- تقبّل نفسك، فأنت لست وحيداً في هذا، فالعديد من الأصدقاء والآباء يواجهون الضّغط نفسه. وتذكّر دائمًا بأنّ موضوع ضغط الأقران موضوع مهمّ للمناقشة مع أصدقائك الجدد والقدامى، أو حتى على شكل مشاركة مفيدة على الإنترنت.
إذا كان لديك شعور بأنّ ما تفعله لا ينبع من قناعاتك، وقرارك الخاصّ، اسأل نفسك: ما الّذي عليّ فعله لأصبح أفضل مما كنت عليه بالأمس؟ هل سيؤدي ذلك إلى نتيجة إيجابيّة أم لا؟ كلّ الإجابات تعود لك، أنت تحتاج فقط إلى جهد إضافيّ لتحقيق ما تريد.
وأخيرًا، لا تتردّد في طلب الدّعم دائماً من والديك أو مرشد المدرسة.