مساعدة طفلك في حل النِزاعات الرقميّة
إذا أردتَ ابنك أن يكون شُجاعاً ومُنتجاً في المستقبل اقرأ ما يلي:
لقد غيّرت التكنولوجيا الرقميّة العالم، ووفقاً لليونيسف تتغيّر مرحلة الطفولة باطّراد مع تزايد عدد الأطفال الّذين يستخدمون الإنترنت في جميع أنحاء العالم.
- الأطفال هم الفئة العمريّة الأكثر اتّصالاً. حيث نجد أن 71٪ منهم متّصلون بالإنترنت مقارنة بـ 48٪ من إجماليّ السكان عالمياً.
- يُمثِّل الأطفال والمراهقون الذين تقلّ أعمارهم عن 18 عاماً ما يُقَدَّر بثلث مستخدمي الإنترنت عالمياً.
- تشير مجموعة متزايدة من الأدلّة إلى اّتصال الأطفال بالإنترنت في سن أصغر. وفي بعض البلدان يتساوى احتمال استخدم الأطفال دون سنّ 15 عاماً للإنترنت مع احتمال استخدام البالغين فوق سن 25 لها.
- من قبل كنتَ تُؤمّن الدعم لأبنائك بشأن المدرسة والأصدقاء والمعلّمين والعديد ممن يقابلونهم يومياً. لكنهم الآن متّصلون بالإنترنت ويتعاملون مع أشخاص مختلفين وأنت غائب!
ما يجب عليك فعله؟
يُواجه أطفالك مشاكل وتحدّيات يوميّة سواء كانت خلافات متعلّقة بلعبة، أو ضغطاً سلبياً من الأقران، سواء على الإنترنت أو في الحياة الواقعيّة.
لا يمكِنُكَ أن تكون مُتواجداً دائماً لحلّ كلّ مشكلة. في الحقيقة هذه ليست وظيفتك، بل تتمثّل مهمتك بإرشادهم إلى معرفة كيفيّة حلّ المشكل بأنفسهم. ليصبحوا واثقين ومستقلين وناجحين، بدلاً من الاستسلام أو الشعور بالإحباط عند مواجهة تحدٍ ما، اذا يدير الأطفال البارعون المشاكل بعيدا عن العواطف ويعملون على إيجاد الحلول المنطقية بصورة دؤبة .
نتائج انعدام التواصل مع أبناءك:
أولاً عليك اتّخاذ قرار كوليّ أمر ببناء مهاراتك الخاصّة للتعامل مع ابنك بشكل سليم. بما أن متابعة الإنكار لن تساعدك وقد تؤدّي إلى عواقب سلبيّة:
- حين تقضي وقتا قليلا مع ابنك فلن يَعُدّك قُدوة حسنة بإمكانه اللجوء إليها حين يواجه مشكلة.
- يتعلّم الأطفال عبر مشاهدتهم لك، لذلك إذا لم يشاهدوك وأنت تجري مُحادثات، لن يفعلوا ذلك بدورهم.
- قد يُواجه ابنك مَشاكل دون أن تعلم بها، وقد يُؤدّي ذلك إلى مشاكل في الصحّة الذهنيّة.
- سيمضي ابنك وقتاً أطول على الإنترنت بسبب شعوره بارتباط أكبر بعالم الإنترنت، ما سيؤثر على جَودة النوم، وزيادة التعرض لمخاطر الإنترنت، ونِقص في المهارات الاجتماعية، وغيرها من المشاكل ذات صلة.
- في حال مواجهة ابنك أيّ خلاف خطير على الإنترنت، مثل التنمّر الالكتروني أو أيّ نوع آخر من الإساءة، قد يرفُض ابنك العالم الرقميّ ويخاف منه، و يرفض التعرّف على ذلك العالم، مما قد يضُرّ بمستقبله المهنيّ أو حتّى التعليميّ.
كيف تطوّر مهارات أبناءك في حلّ المشكلات على الإنترنت؟
فيما يلي بعض النصائح العمليّة حول كيفيّة التعامل مع ابنك ومساعدته على تعلّم بعض مهارات حلّ الخلافات على الإنترنت اقرأها وحاول تطبيقها بنفسك أولاً، وتعلّمها وتفاعل مع ابنك.
1. بعض الخطوات الملموسة للتقرّب من ابنك
يمكنك استخدام العملية ذاتها مراراً لتبني في النهاية مجموعة من الخطوات تتّفق فيها مع ابنك وتُناسِب كليكما
- التواصل مع أبناءك: تقرّب من أبناءك واذكر الغرض من المناقشة واسألهم عمّا إذا كانوا يواجهون أيّ خلافات عبر الإنترنت. استمع إليهم، اعد صِياغة كلّ مشكلة في سياقها الصحيح، ولا تبدِ أيّ رد فعل نحوها، واسأل أبناءك عمّا إذا كان لديهم أيّ حلول أو خطوات يجب اتباعها، لا تحكم أو تضع أي افتراضات.
- اشرح لهم أنّ بعض الأمور خارجة عن سيطرتنا: عندَ القيام بحل مشكلة في متناول اليد علينا التركيز على ما يمكننا التحكم به.
- كن قدوة: بيّن لأبنائك كيفيّة تطبيق مهارات حلّ المشكلات التي تدرّبتم عليها معاً، مع إعطاء أمثلة من العالم الواقعيّ يمكنهم تنفيذها في حياتهم الخاصّة.
- أظهر لأبنائك إمكانية ارتكاب الأخطاء: الكلّ يواجه مشاكل ولا بأس بذلك. وفي بعض الأحيان، لن ينجح الحلّ الأول الذي تجربه، ولا بأس بذلك أيضاً!
- أعط أمثلة عن نفسك في كلّ من الخطوات المذكورة أعلاه
استخدم هذه الخطوات للتفاعل مع ابنك إذا واجه مشاكل على الإنترنت أو خارجها، هذه العمليّة مهمة لذا ركز عليها وابذل قصارى جهدك.
2. اطلب النصح
اطلب النصح من أبناءك حين تواجه مشكلة. هذا يعلّمهم أنه من الشائع ارتكاب الأخطاء ومواجهة التحديّات. كما أنّه يمنَحُهُم الفرصة لممارسة مهارات حلّ المشكلات، بالإضافة إلى ذلك، حين تقرّ أنّ أفكارهم محلّ تقدير سوف يكتسبون الثقة لمحاولة حلّ المشكلات بأنفسهم.
3. انتبه لعاداتك السيئة
بصفتك وليّ أمر أنت معتاد على إخبار أبناءك ما عليهم فعله، سيؤدي ذلك إلى تقليل احترامهم لذاتهم، ويُصَعّب عليهم مواجهة بعض المواقف أو اتّخاذ القرارات مع تقدّمهم في السن. كما تؤدّي التنشئة الصارمة أو الآباء المسيطرون إلى دفع الابن إلى المماطلة في العديد من السلوكيّات التي من شأنها تنمية مستقبله.
4. الإدارة العاطفيّة
أولاً، علّم أبناءك أن كلّ المشاعر مقبولة. لا توجد مشاعر "سيئة". حتى المشاعر التي تبدو سلبية مثل الغضب والحزن والإحباط يمكن لها أن تعلّمنا دروساً قيّمة، ما يهمّ هو كيف نستجيب لتلك المشاعر.
اتبع هذه العمليّة:
الخطوة الأولى: تسمية المشاعر وإعطاؤها قيمتها:
حين يشعر أبناءك بالضيق ساعدهم على معالجة ما يشعرون به. قل شيئاً مثل "أتفهّم استياءك لأن محمّد كان يضايقك في اللعبة"
الخطوة الثانية: معالجة المشاعر:
أرشد ابنك إلى مكانه الهادئ، أنشئ ذلك المكان على الفور، يمكنك البدء بإخراجه من العالم الرقمي لساعتين والاسترخاء معه، وتفعيل هذه المساحة خاصّة أثناء معالجة المشاعر.
الخطوة الثالثة: حلّ المشكلات:
تبادل الأفكار مع ابنك، مثلاً قد يقول ابنك "في المرة القادمة التي ألعب فيها إذا استمرت المضايقة سأتوقّف عن اللعب".
قُل "ما أكثر ما يزعجك؟" يساعد هذا ابنك على فهم المشكلة، ما يجعل حلّها أسهل.
كرر ما يقوله ابنك. بعدما يُحدِد ابنك "الجزء الصعب"، من المحتمل أن يكون قادراً على التوصُّل إلى حلّ مختلف وأفضل، كما أنه سيكون بمثابة أُسلوب للتعبير عن الذّات.
5. انتبه
اتّصل بالإنترنت مع ابنك، وشارك في التفاعلات المختلفة التي يقوم بها، وتعّلم عنها، وناقشها معه، بمجرد أن يناقشها ابنك معك ستكون لديك القدرة على المشاركة، الأمر الذي يعزز النقاش ويدفع الابن لرؤيتك كمرجع.
6. علّم ابنك خطوات حلّ المشكلات
هذه خطوات محددة إذا كان ابنك أكبر من 14 عاماً، حتى يتعلم بعض مهارات حل الخلافات الرقمية:
الخطوة الأولى: بماذا أشعر؟
ساعد ابنك على فهم ما يشعر به في الوقت الحالي (الإحباط، الغضب، الفضول، خيبة الأمل، الإثارة....)، على سبيل المثال: أشعر بخيبة أمل و حزين لأنني لم أفز على الإطلاق في الألعاب الإنترنت، والجميع حصل على ترقية.
الخطوة الثانية: ما هي المشكلة؟
أرشد ابنك للتعرّف على المشكلة. ساعده في تحمل مسؤولية ما حدث بدلاً من توجيه أصابع الاتهام. على سبيل المثال، بدلاً من قول "الجميع أفضل مني في العبة"، علّمهُ أن يقول "لن أقارن نفسي بالآخرين، أنا أفضل بكثير مما كنت عليه بالأمس، يجب أن أستمر بذلك للوصول إلى مستوى معين".
الخطوة الثالثة: ما هي الحلول؟
شجّع ابنك على التوصّل إلى أكبر عدد مُمكن من الحلول. ليس مهماً أن تكون حلولاً "ملائمة" في هذه المرحلة، فهي مرحلة عصف ذهني فحسب، وليست مرحلة تقييم الأفكار المطروحة.
الخطوة الرابعة: ماذا سيحدث إذا…؟
ماذا سيحدث إذا جرّب ابنك كل هذه الحلول؟ هل الحلّ آمن وعادل؟ كيف سيشعر الآخرون حياله؟ يمكنكَ أيضاً تجربة لعب الأدوار في هذه الخطوة. من المهمّ لابنك أن يُفِكَّر في العواقب الإيجابيّة والسلبيّة لأفعاله.
الخطوة الخامسة: أيُّهُما سأجرّب؟
اطلب من ابنك اختيار حلّ أو أكثر لتجربته. إذا لم ينجح الحلّ، ناقش السبب وانتقل إلى حلّ آخر. شجّع ابنك على الاستمرار في المحاولة حتى يحُلّ المشكلة.
تدرب باستمرار على هذه الخطوات حتى تصبح فطرية، واعمل على حلّ مشكلاتك بنفس الطريقة. يستحسن التفكير في: ما الذي نجح؟ وما الذي لم ينجح؟ ما الذي يمكنك فعله بشكل مختلف المرّة القادمة؟
يمكنك حتّى أن تلعب مع ابنك بطرح مشكلة وحلول محتملة لتعزيز ما تعلّم. بمجرد أن يعتاد الخطوات سيبدأ ابنك بفعل ذلك بمفرده ومع أصدقاء آخرين.
إشارات أو علامات تدلّ إلى تعرّض أبنائك لخلافات رقمية
الآن أريدك أن تُدرِك العلامات التالية وأن تُراقب ابنك بشكل صحيح، إذا لاحظت العديد من العلامات تواصل مع ابنك على الفور لأنه يواجه بعض المشاكل على الإنترنت:
- عدم الارتياح أو التوتر أو الخوف من التعامل على الإنترنت حيث اعتاد أن يمضي وقتاً طويلاً، على سبيل المثال تجنّب اللعب مع المجموعة نفسها.
- التوتر عند إرسال الرسائل النصيّة أو استخدام وسائل التواصل الاجتماعيّ مثل النشر على فيسبوك.
- انعدام الرغبة في مناقشة أو مشاركة المعلومات حول حسابه وأنشطته عبر الإنترنت، مثل إخفاء المعلومات حول ما يلعب طوال الوقت.
- فقدان الاهتمام بالألعاب المفضلة على سبيل المثال، فحين يفقد الابن اهتمامه فجأة بلعبة دون بدء لعبة جديدة، تأكد أنه يواجه مشكلة.
- الابتعاد عن الأصدقاء المقرّبين والعائلة الذين يتفاعل عادةً معهم على الإنترنت في الألعاب أو وسائل التواصل الاجتماعي أو أي منصات أخرى.
بعبارات قليلة، يشبه ما يواجهه ابنك على الإنترنت ما يحدث من نزاعات في المدارس. لذلك، يجب أن تأخذ الأمر على محمل الجدّ وأن تكيّف سُلوكَك كوليّ أمر يتحمّل مسؤولياته.