كيف أتعامل مع الرسائل أو التعليقات السلبية التي تصلني عبر الإنترنت؟
تمكين الأبناء لمواجهة ضغط الأقران
فهم فترة المراهقة وضغط الأقران:
غالباً ما يشعر الآباء بالحيرة ويتساءلون أين أخطأوا؟ وما سبب مزاجيّة وحزن أبنائهم؟ وما إذا كانت هناك نهاية سعيدة لهم. فلا أحد منّا يريد أن يرى أبنائه يرتكبون سلوكيات ضارّة، كمشاهدة محتوى غير لائق، أو مشاركة معلومات مُشينة، أو الإفراط في قضاء وقتهم على الشاشة وإرضاء الآخرين على وسائل التواصل الاجتماعي، بهدف الحصول على المزيد من الإعجاب فقط. وسواء حدث هذا أم لا، يبدو أنّ هذا الأمر يتعلق بمدى تأثير ضغط الأقران عبر الإنترنت مثل: الاصدقاء أو المتابعين أو الاتجاهات أو الترندات المعاصرة (Trends).
خمسة أنواع مختلفة من ضغط الأقران الّذي يواجه ابنك المراهق:
يُعدّ تأثير الأقران قويّاً في حياة المراهق، فهم يواجهون ضغط أقارنهم بشكلٍ دائم؛ سواء كانوا يدركون ذلك أم لا، وتأخذ هذه الضغوطات أشكال ودرجات مختلفة كالضغط المباشر الصداميّ، أو ضغوط خفية كارتداء الملابس والتصرف مثل الآخرين. من هنا، يمكن تصنيف ضغط الأقران إلى خمسة أنواع مختلفة وهي:
1.الضغط السلبي للأقران:
يميل الشباب إلى مصادقة أشخاصٍ يشبهونهم، حيث تجد لدى بعض الأقران داخل المجموعة الواحدة قدرة عجيبة لتشجيع الآخرين على السلوكيات السلبية أو الإيجابية، وغالبًا ما يمارس الشباب سلوكياتهم السلبية مع مجموعة من أقرانهم.
تتميز المجموعات عبر الإنترنت بالضّغط الّذي تمارسه على أعضائها بهدف التوافق مع معايير واتجاهات معيّنة (ترند معيّن). على سبيل المثال: تهدف المجموعات عبر الإنترنت إلى إظهار سلوكهم غير المقبول عن طريق الظهور ببث مباشر سويًا لعرض هذا السلوك، مما يدفع جميع أعضاء المجموعة على فعل نفس السلوك. وفي حال لم يَمْتَثِل البعض، فسيتم اعتبار وجودهم في المجموعة مخجلاً، مما سيُعرضّهم للتنمر.
2. ضغط الأقران السلبيّ المباشر:
"سوف نسخر من صديقتنا التي نشرت صورة عن كعكتها، هذا مملٌ جدًا. لذا، دعونا نكتب تعليقات نخبرها بأنّ صورها تُشعرنا بالملل!"
يضع ضغط الأقران السّلبي المعلن والمباشر المراهق في مواجهة مباشرة؛ حيث يريد زملاؤه إقناعه بفعل شيء لا يجب عليه فعله، وحين يلجأ الأقران إلى هذا النّوع من الضّغط المباشر، يصعب على المراهقين إيجاد عذر لفعل الأمر السّليم دون المخاطرة بالتعرّض للسّخرية.
3. ضغط الأقران غير المعلن وغير المباشر:
"جميع أصدقائي لديهم الجهاز الحديث من آي فون(iPhone ). أريد واحداً!"
حين يبدو أنّ الآخرين يفعلون الأمر ذاته، كارتداء زيّ ما أو التصرّف بطريقة معيّنة، فهذا من شأنه أن يُشعر المراهق بضغط كبير للتّوافق مع مجموعته ومحاكاة الآخرين؛ حيث أنّ معظم المراهقين لا يرغبون في إبراز اختلافهم، بل يريدون التّوافق مع الآخرين. كما أنّ الأبناء عادةً قد لا يسمعوا أيّ تعليقات من زملائهم، بلّ بمجرد قيامهم بمراقبة أقرانهم، فإنّ هذا سيخلُق عندهم ضغطاً كافياً للتصرف مثلهم.
4. ضغط الأقران الإيجابيّ:
"دعونا ننشئ مدونة حتى نتمكن من دعم المراهقين الذين يتعرضون للتنمر مثلنا، ولنشر الوعي حول هذا الموضوع أيضًا".
يمكن لعلاقات الأقران بثّ تأثير إيجابي قوي في حياة المراهقين؛ حيثُ أنّ معظمهم يناقشون الخيارات مع أصدقائهم قبل اتخاذ قراراتهم، ونادراً ما يتمّ الضّغط على أحدهم للتّوافق مع بقيّة المجموعة.
علاوةً على ذلك، أظهرت الدّراسات أنّ معظم الأصدقاء لا يشجعون التنمر أو أيّ نوع من السلوكيات المضرّة عبر الإنترنت. لذا، يختار المراهقون الأصدقاء الذين لديهم سمات أو مواهب يعجبون بها، مما يحفزهم على تحقيقها والتصرف كما يفعل أصدقاؤهم.
استراتيجيات لإيقاف ضغط الأقران:
- كن هادئاً ومتوازناً أثناء الحديث مع أبنائك: لن يساعدك رد الفعل المبالغ فيه في هذه المواقف. لذا، استمع إليهم وشجّعهم على إيجاد حلول واقعية.
- اشرح لهم بأسلوب مبسط عن الأصدقاء والحياة الاجتماعية واسأل أبنائك ما إذا كانوا يثقون بأصدقائهم المقربين. وبعد طرح السؤال، ابدأ بالتحدّث أمامهم عن الثّقة؛ واشرح معناها، وكيفية بناؤها مع الآخرين من خلال تقديم أمثلة عنها من الحياة الواقعية.
- استخدم نفسك كمثال: عند التحدّث إليهم حول الضّغط الاجتماعيّ، وكيف يجب على الأصدقاء تقبُل بعضهم البعض على طبيعتهم، قم بإعطاء أمثلة عن نفسك حتى تكون قدوة لهم.
- كن فضولياً عند التحدّث إلى أبنائك: لا تعتمد على طرح الأسئلة فقط، بل وظّف طرقاً مختلفة للتّواصل معهم.على سبيل المثال:تفحص معهم صفحاتهم على وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بهم واسألهم عمن يحبون متابعته ولماذا.
- علّم أبناءك قول "لا" للآخرين: اعلم أنّ قول "لا" ليس بالأمر السّهل، خاصّةً إذا كانت المجموعة بأكملها تقول "نعم". فإذا كان الجميع ينشرون عن ترند معيّن، أو يظهرون حالة معينة على حساباتهم الشخصية، فليس من السهل عدم تقليدهم، لأنّهم سوف يفقدون "شهرة التواصل الاجتماعي عبر الإنترنت" أو سيظهرون أمام الآخرين على أنّهم مستخدمين غير فعّالين. لذا، قم بتعليم طفلك على أن يكون لديه القدرة والقوة على قول "لا" من خلال ذكر قواعده الخاصة للنشر وكيفية إظهار نفسه على الإنترنت.
كيف يمكنك دعم أبنائك وتمكينهم من مواجهة ضغط الأقران السّلبيّ؟
على الرغم من أنّه يصعُبُ على الوالدين تجنيب أبنائهم من التعرّض لضغط الأقران السلبيّ، ولكن يمكنهم منحهم بعض الأدوات ومساعدتهم على المقاومة. وأهم هذه الأدوات هي تذكيرهم دائمًا بأنّهم متميزين، وأنّ عليهم الاستفادة من هذه الصفة إلى اقصى الحدود.
يمكنك أيضًا اتباع النصائح التالية:
- احترس من أعراض ضغط الأقران الافتراضي عبر الإنترنت مثل: العزلة الاجتماعية أو التحدث عن عالم الإنترنت بالكراهية، أو تجنب النشر عبر الإنترنت، أو عدم تحديث ملفاتهم الشخصية. ومن المهم جدًا تعلّم كيفية تمييز هذه الأعراض بشكل صحيح لدى ابنائك.
- يُنصح بمراقبة أنشطة أبنائك على وسائل التّواصل الاجتماعيّ باستخدام أدوات الرّقابة الأبويّة.
- عزّز ثقتهم بأنفسهم كيّ يتمكنوا من مواجهة ضغط الأقران بشجاعة دون التأثُر سلباً.
- شجّعهم على التّفاؤل في جميع المواقف، وقم بتحفّيزهم على اتّخاذ قراراتهم بأنفسهم بدل الخضوع لضغوط أقرانهم .
- قم بتزويد أبناءك بأساليب تساعدهم على الخروج من المواقف الصّعبة التي تعرّضهم إلى الضغط للقيام بسلوك خاطئ. لذا، من المفيد التّمرن على السيناريوهات المحتملة كي يمتلكوا أعذاراً جاهزة. على سبيل المثال: (أنا أتَبع قوانيني الخاصّة عندما استخدم وسائل التواصل الاجتماعي، هذا المنشور لا يُمثلني ولا يُمثل قيمي، أنا أفضل كتابة المنشور بأسلوبي الخاص....).
- عليك التصرف بمثابة قدوة يَحتذي بها أبناؤك حين يحتاجون لاتّخاذ قرار في المستقبل.
- يجب على الآباء بناء علاقة وثيقة مع أبنائهم لإبقاء خطوط الاتّصال مفتوحة ما يسمح لهم باللّجوء إلى الوالدين عندما يحتاجون إلى الدّعم والمساعدة.
- يجب الانتباه إلى طبيعة أصدقائهم عبر الإنترنت، والصفحات التي يتابعونها، والمجموعات التي ينضمون إليها.
- شجّع الصداقات خارج المجموعات الضيقة، وقمّ بدعم الصداقات الجديدة مع أشخاص من مختلف الثقافات، وذلك من خلال عرض أنواع مختلفة من الصفحات التي يمكنهم متابعتها على وسائل التواصل الاجتماعي، أو تشجيعهم على التفاعل مع الأصدقاء الذين ينشرون مشاركات إيجابية وينشرون السلوك الداعم والحسن عبر الإنترنت. ّ
- بصفتك أحد الوالدين، عليك أن تعمل مع المدرسة لمواجهة ضغط الأقران السلبيّ من خلال تشجيع تكوين مجموعات الأقران الإيجابيّة في برامج قادة الأقران، وفي أنشطة التعليم الجماعي. حيث تقوم معظم المدارس على تدريب قادة الأقران من الطلاب على الإرشاد، أو المشاركة في مجموعات الدّعم، أو برامج مواجهة العنف. ويتمّ تدريب الطلاب في هذه البرامج على فهم الآخرين، والتّعاطف معهم، وتحديد الأهداف والمشاكل، وبناء المهارات، واتخاذ القرارات، والتّواصل بهدف قيادة وتدريب ودعم الطلاب الآخرين حيث يعمل الطلّاب كقدوة إيجابيّة للمراهقين الآخرين.
أخيراً، لا تنس أنّ ضغط الأقران لا يختفي تماماً. حتّى البالغون يشعرون بالضّغط عندما ينضموا لجماعة بهدف الانتماء إليها. ويُعدّ إيجاد توازن منطقيّ بين قبول معتقدات الجماعة والتفكير المستقلّ تحدّياً يواجه الجميع.