ما الذي يجب عليّ معرفته حول حريّتي في التعبير عبر الإنترنت؟
تعليم أبنائنا تحمل المسؤوليّة على الإنترنت
ليس من السهل تعليم البالغين أو اليافعين التصرّف بمسؤولية. لنناقش أولاً معنى المسؤوليّة، ونعرّفها بكونها قدرة الإنسان على اعتبار نفسه مصدر القوة للتأثير على البيئة والأفراد حوله، بدلاً من انتظار تأثير البيئة على سلوكه أو مواقفه.
يحتاج أبناؤك إلى إكتساب المسؤوليّةعلى الإنترنت في سن مبكرة وقد تكون حياتهم الواقعية جزءاً مهماً في عملية التعليم ، إذ أن سلوك الفرد المكتسب يتطوّر ليصبح مهارة مستدامة يستخدمها في مواقف مصيريّة.
يحتاج الأبناء إلى إشراف دائم أثناء عملية تعلّم المسؤوليّة. نصائح الاهل هي المرجع الأهم، والعامل الأكثر تأثيراً على فهمهم للسلوك الرقميّ اللائق وغير اللائق.
كيف تُشرف على سلوك أبنائك في العالم الرقمي:
يواجه العديد من الآباء الآن التحدي المتمثّل في كيفيّة الإشراف الفعّال على سلوك أبنائهم وتفاعلاتهم والوقت الذي يمضونه في مساحات مختلفة على الإنترنت.
هنالك خطوات عديدة يمكن للأهل اتخاذها في عملية الإشراف سلوك أبنائهم في العالم الرقمي:
- تحري المواقع التي يزورها أبنائك بإستمرار.
- تحقّق من حساباتهم وصورهم وتعليقاتهم على وسائل التواصل الاجتماعي.
- تصفّح رسائلهم وسجلات محادثاتهم.
- استخدم أدوات الرقابة الأبويّة لحظر أو فلترة ما يمكنهم الوصول إليه، أو الإشراف على نشاطاتهم.
- استخدم أدوات الرقابة الأبويّة لتقييد استخدامهم للهواتف المحمولة.
- اعرف كلمات مرور منصّات الإنترنت التي يستخدمونها.
- لا تفرط في مراقبة نشاطات أبنائك على الإنترنت، على سبيل المثال : لا تقوم بالنشر والتعليق على حساباتهم وصورهم . لأن هذا لا يُعدّ إشرافاً بناءاً ولا تضع لهم تعليقاً محرجاً على صورهم مثل: "أزل هذه الصورة و إلا....".
كيف تُعلّم أبناءك التصرّف بمسؤوليّة على الإنترنت:
يتحدّث معظم الآباء مع أبنائهم عن السلوك اللائق في حياتهم الرقميّة، لكن النقاشات حول السلوك اللائق خارج الإنترنت تحتلّ مساحة أكبر.
ما معنى المسؤوليّة على الإنترنت؟ كيف نتصدى لثقافة اللامسوؤلية وللسلوك الذي يغذي الكراهية على الإنترنت؟
دعنا نتعمق أكثر في الإجراءات التي يمكن اتّخاذها مع الأبناء:
آباء مسؤولون، أبناء مسؤولون:
سمعنا هذا من قبل: كن قدوة لأبنائك. يراك أبناؤك مثالاً وقدوة، ويراقبون ما تفعله سواء رغبت بذلك أم لا. يمكنك إخبارهم بما يجب فعله حتى تنكشف، ولن يعود لكلامك معنى إذا لم تكن قدوة يُحتذى بها.
إذا اتبعت نهج "افعل ما أقول، وليس ما أفعل"، ستعاني في تحقيق أي تقدّم إيجابيّ مع أبنائك، وقد تزيد بذلك من تعقيد الأمور.
أطلِع أبناءك على نشاطك على وسائل التواصل الاجتماعيّ كي يتمكنوا من رؤية ما يعنيه التصرّف بتهذيب واحترام على الإنترنت. بيّن لهم كيف تُفكّر في التأثيرات المحتملة لمنشوراتك قبل مشاركتها مع الآخرين. وأرهم أمثلة عن المنشورات المسيئة أو غير المحترمة.
ابدأ بفعل ذلك فوراً وكن قدوة!
نقاشات جديّة:
قمّ بإجراء نقاشات جديّة مع أبنائك حول سلوكهم على الإنترنت، والأمور الجائز مشاركتها.
من المهم إظهار الجديّة والموقف المسؤول، فالمناقشات الجادة تعني مصادقة الأبناء ومشاركتهم المسؤوليّة عن الاتّفاقية العائليّة.
يتعامل بعض الآباء بإهمال أو قلّة مسؤوليّة تجاه هذه القضية لأنهم لا يملكون دراية كافية الوعي الكافي حول الموضوعات التي يتحدّثون عنها، أو لأنّ سلوكهم لا يتوافق مع اتّفاقياتهم.
مواضيع يجب مناقشتها مع الأبناء بشأن السلوك على الإنترنت، لذلك عرّف أبناءك على الموضوعين التاليين وناقشهما معهم:
- المواطنة الرقميّة المسؤولة تعني استخدام التقانة بشكل لائق واستخدام الإنترنت بأمان وبصورة مدروسة، والتصرّف بطريقة أخلاقيّة, واعية ومحترمة، واحترام القانون وحماية خصوصيّتك وخصوصيّة الآخرين، ومعرفة حقوقك، والتزامك بآداب التعامل على الإنترنت.
- آداب التعامل على الإنترنت هي الطريقة الصحيحة أو المقبولة لاستخدام الإنترنت، إذ يجب احترام آراء المستخدمين الآخرين، والتزام اللباقة عند نشر الآراء في مجموعات المناقشة على الإنترنت.
عامل الآخرين كما تودّ أن يعاملوك:
بصفتك ولي أمر مسؤول، فأنت تحمل قيماً جوهرية تتبعها يومياً في التعامل مع الناس على شبكة الإنترنت أو خارجها، في العمل ومع العائلة والأصدقاء وفي المناسبات الاجتماعيّة، تستند العديد من هذه القيم إلى قاعدة ذهبية لا يدركها العديد من الأبناء، وهي "معاملة الآخرين كما تودّ أن يعاملوك"، قم بشرحها لأبنائك بالطريقة التي تراها مناسبة:
- كن جديراً بالثقة كي يعرف الناس أنّ بإمكانهم الاعتماد عليك.
- نفذ وعودك واتفاقاتك.
- ابذل قصارى جهدك، وقدم أفضل ما لديك في العمل.
- تحمّل مسؤوليّة سلوكك.
- تقبّل المديح حين تحسن صنعاً، واعترف بأخطائك عند ارتكابها.
- ضع حدوداً لنفسك وللآخرين.
- فكّر بشكل نقديّ وشكّك في كل معلومة تصادفها.
- اطلب المساعدة عند مواجهة مخاطر مجهولة.
- آمن بمقدرتك على حل المشكلات التي تواجهك.
اشرح هذه القيم بإعطاء أمثلة محددة عند تواصلك مع أبنائك.
ثقة الطفل الكبيرة بالنفس تجعله يتحمل قدراً أكبر من المسؤوليّة:
هناك مكونان أساسيان للثقة بالنفس، وهما الشعور بالحبّ والشعور بالقدرة على الإنجاز:
- الشعور بالحبّ: عبّر لأبنائك عن حبك الدائم وغير المشروط، وأثبت لهم أنك مستعد لسماعهم ودعمهم دائماً دون إصدار أي أحكام مهما كان الأمر . أخبرهم أنك تحب قضاء وقتك معهم، عبر لهم عن مدى سعادتك لأنهم أبناؤك ودعهم يشعرون أنك لست وحدك صاحب المنزل، بل هم شركاء فيه.
- الشعور بالقدرة على الإنجاز: يتحقق هذا المفهوم عبر الإيمان بقدرتهم على التعامل مع التحدّيات والمساهمة في بيئتهم، حين يشعرون بالفخر بإنجاز ما، يمكنك شكرهم لموافقتهم على تحمّل هذه المسؤوليّة وإنجاز ما اتفقتم عليه. بالإضافة إلى هذا, أخبرهم أنك كنت متأكداً من قدرتهم على إنجاز الأمر، وثمّن لجوئهم إليك لتلقّي الدعم.
يُمكنكَ إعادة الصياغة أو استخدام كلمات تناسبك وأبناءك، وأهم ما ينبغي فعله هو التواصل بوضوح. من ناحية أخرى، لا نستطيع أن ننكر الأجداد والجدّات الذين تتمّ دعوتهم بشكل متزايد لتوفير الرعاية لأحفادهم. علينا ضمان وصول كبار السن إلى موارد الأمان على الإنترنت كي يتمكنوا من المشاركة في مساعدة أبنائنا على تعزيز أمانهم على الإنترنت.
قيّم سلوك أبنائك على الإنترنت:
يترتّب عليك تقييم سلوك أبنائك على الإنترنت. وبمجرّد إنشاء الاتفاقية أعلاه، عليك محاورة أبنائك باستمرار حول إنجازاتهم أو افتقادهم لمهارات معينة. وبناءً على تلك الحوارات يمكنك اتّخاذ خطوات جديدة وتعديل الاتّفاقية باستمرار حتى تتحوّل إلى عادة، أو ما أسمّيه "اتّفاق القلوب" الذي يتقبّل فيه الطرفان الحوار وإمكانية تعديل السلوك.
يرغب معظم الآباء أن يُحمّل الأبناء مسؤولية سلوكهم. ومع بذل الجهد السليم، سوف يفعلون ذلك "لكونه واجباً" لا لأنهم أُمروا بفعله، وذلك هو الشعور بالمسؤوليّة. والشعور بالمسؤوليّة أساسيّ سواء على شبكة الإنترنت أو خارجها! علّم أبناءك أن يكونوا هم مصدر القوّة.