أدرك أن عمليات الشراء عبر الإنترنت تُترجَم إلى عمليات شراء في العالم الحقيقي.
"حريّة التعبير" في عصرنا الرقمي
في عصرنا الرقميّ، لا توجد حدود لمشاركة المعلومات أو طرق الوصول إليها أو حتى الكشف عنها. رغم ذلك، لا يمكن ممارسة مثل هذه القدرة الهائلة دون مسؤوليّة! لذا، سنناقش في هذه المقالة كيف يُمكننا استخدام قدرة "مشاركة المعلومات" كأداة رئيسيّة لممارسة حقّك الأساسيّ في حريّة التعبير وطرح آرائك.
بشكل بسيط،إنّ القانون هو كلّ ما يتعلّق بحماية الممارسة المشروعة لأنشطة الأفراد وتنسيقها ولم يُسَنّ القانون ليكون أداة عقاب أو تقييد في حدِّ ذاته! لهذا السبب، يجب علينا في البداية معرفة كيف يُمكننا ممارسة حقّنا في حريّة التعبير دون التعدّي على أيّ قانون من قوانين دولة قطر.
أولاً، ما هو "حقّ حريّة الكلام والرأي والتعبير"؟
لا يوجد تعريف محدّد للحقّ نفسه، بل هناك العديد من الأشكال المعترف بها والمتفق عليها لممارسة هذه الحقوق. على أيّ حال، يمكن الإشارة إلى المادة 19 من الإعلان العالميّ لحقوق الإنسان أنَّ "لكلّ فرد الحقّ في حريّة الرأي والتعبير. ويشمل هذا الحقّ حريّة تبنّي الآراء دون تدخّل، والبحث عن المعلومات والأفكار وتلقّيها ونقلها عبر أيّ وسائط وبغض النظر عن الحدود". كما تُحدِّد هذه المادة خطوطاً عريضة وأساسية لحقّ التعبير دون توضيح أو ذِكر التفاصيل، بل تتركُ ذلك للقوانين الوطنيّة والنظُم القانونيّة المحليّة.
لذلك، وفقاً للإعلان العالميّ لحقوق الإنسان، وكقاعدة عامّة بكلمات بسيطة، لديك مطلق الحقّ في التعبير عن أيّ آراء قد تكون لديك في أيّ موضوع تريده، عبر أيّ وسيلة تختارها وبأيّ لغة تفضّلها. فكرة رائعة، أليس كذلك!
محلياً، تنص المادة 47 من الدستور الوطنيّ القطريّ على أن "حرية التعبير عن الرأي والبحث العلميّ مكفولة بالشروط والأعراف التي يبيّنها القانون". كما قد تلاحظ، تلعب القوانين الوطنيّة دوراً في تنظيم الأمر برمّته وقد نقول إنّها تشبه إلى حدّ بعيد الحقوق والممارسات المعترف بها عالميّاً.
ما هي أهمّ شروط وقوانين ممارسة هذا الحقّ؟
بشكلٍ عام، ووفقاً للممارسات العالميّة، فإنّ الدستور الوطنيّ والقوانين والأوامر التنفيذيّة، يرسمون خطّين أحمرين أثناء ممارسة الحقّ في حريّة التعبير تماماً كالدول الأخرى. وهذين الخطّينِ هما الحياة الشخصيّة والملكيّة الفكريّة!لذا، فكّر مليّاً قبل التعدي عليهما لأنّهما حقٌّ للجميع، بل ويتمتعان بذات القدِر من الحماية.
لتوضيح الأمر، هناك قاعدة معروفة تنصّ على أنّ "ممارسة حقوقك تتوقف حين تتعارض مع حقوق الآخرين" أليسَ هذا أمراً منطقياً؟!
وهنا يأتي دور القوانين المُفصّلة لوضع الحدود لممارسة حقّك. عادة ما توضع هذه الحدود في إطار المنطق، حيث تحظر المادّة 37 من الدستور القطريّ أيّ نوع من التعدّي على الخصوصيّة الشخصيّة أو التدخّل في شؤون الأسرة إذ تنص على أنّ "حُرمة خصوصيّة الفرد مصونة، وبالتالي يُعدّ التدخّل في خصوصيّة الفرد أو شؤون الأسرة أو المنزل أو التواصل الأسريّ، أو أيّ فعل آخر من شأنه الحطّ من قدر الإنسان أو تشويه سمعته تصرّفاً مرفوضاً، وفقاً للأحكام المنصوص عليها في القانون". تتكرر مثل هذه الأحكام الدستوريّة في العديد من القوانين الوطنيّة التي قد لا تغطيها مادّة واحدة. لذا، من الأفضل تجنُّب القضايا المتعلّقة بالأسرة والأمور الشخصيّة.
وعلاوة على ذلك من الأشكال الأخرى التي تعدّ جرائمَ بشكل عام، خطاب الكراهية والشتم، وأيّ شكل آخر قد يشجّع على نشر الكراهية أو المضايقات.
وبشكلٍ عام، يمكن تعريف خطاب الكراهيّة على أنّه "الكلام أو التعبير الذي يشوّه سُمعة فرد أو مجموعة على أساس الانتماء (المزعوم) إلى مجموعة اجتماعيّة، تحدّد على أساس سماتٍ معينة مثل العرق أو الجنس أو الدين أو العمر أو الإعاقة الجسدية أو الذهنية وغيرها".
كما يمكن تعريف الشتم على أنّه "تفاعل عدوانيّ عبر الإنترنت، ويتضمّن رسائل مُهينة أو شتائم يتمُّ تداولها بين المستخدمين داخل منتديات الإنترنت وغرف الدردشة والشبكات الاجتماعيّة وردهات الألعاب، حيث يتواجد مزيج من الأشخاص من ذوي الأيديولوجيات والثقافات المختلفة.
كما تلاحظ، يتضمّن كلاً من المثالين السابقين وصم الآخرين، أو "وصمة العار الاجتماعيّة". فمثل هذا الفعل، أيّاً كانت تسميته أو بأي شكل فهو محظور بموجب الدستور، وهو أعلى قانون في أيّ بلد. تنصّ المادة 35 على أنّ "جميع الأشخاص متساوون أمام القانون ولا تمييز بينهم بسبب الجنس أو العرق أو اللّغة أو الدين" فلا أحد مميز عن الآخر. وتنصّ المادة 50 على أنّ "حريّة ممارسة الشعائر الدينيّة مكفولة للجميع وفقاً للقانون ومقتضيات الحفاظ على النظام العام والأخلاق" فلا يحقّ لأحد السخريّة من الآخرين على أساس ديني.، لذلك احترم الجميع في جميع الأوقات واضمن سلامة ممارساتك عن طريق إجراء حوار بدلاً من استخدام أي تعبير مسيء حين يتعلّق الأمر بالمسائل الشخصيّة.
ما هي مسؤولياتي أثناء ممارسة حقّي في التعبير؟
ببساطة، عامل الناس كما تودّ أن يعاملوك. هذه العبارة تبدو مألوفة لك، أليس كذلك؟
إنّ حريّة التعبير ليست حجّة لإهانة الآخرين، بل على العكس هي قاعدة للمشاركة في المجتمع البشري. لذا، تصرّف كإنسان عادل ونزيه وعامل الآخرين باحترام وصدق عندما تقوم بالتعبّير عن رأيك عبر أيّ وسيط. ولأنّك لا ترغب في التعرّض لأيّ إهانة أو أيّ نوع من أنواع التمييز ضدّك ، أو انتحالٍ لشخصيّتك، فإنّ الآخرون كذلك. لهذا السبب، يتوجب على القانون حماية وتنظيم كلّ تلك الأمور.
بعد توضيح الحقوق، هل هناك تبعات قانونية لسوء التصرّف أو إساءة استخدام حقّي في التعبير؟
بكل تأكيد، الإجابة نعم.
هناك بنود عديدة في التشريع القطري تجرّم مثل هذه الأعمال. علاوة على ذلك، هناك ظروف معيّنة تسبّب تشديد العقوبة أو زيادتها إذا حدثت الإساءة عبر أساليب محددة.
على سبيل المثال، تنصّ المادّة 8 من القانون رقم 14/2014 بشأن مكافحة الجرائم الإلكترونيّة على أنّ "كل من ينتهك المبادئ أو القيم الاجتماعية، أو ينشر أخبار أو صور أو تسجيلات صوتيّة أو مرئيّة تمسّ قدسيّة الحياة الشخصيّة أو العائليّة لأيّ فرد، حتى لو كانت صحيحة، أو يقوم بالتعدي على الآخرين لفظيّاً كشتمهم عبر شبكات التواصل الاجتماعيّة أو وسائل التكنولوجيا الأخرى، يُعاقب بالحبس لمدّة لا تتجاوز ثلاث سنوات وبغرامة لا تزيد عن (100،000 ريال قطري) مئة ألف ريال قطريّ، أو بإحدى هاتين العقوبتين".
وتأكيدًا لخطورة وأهمية الأمر، تنصّ المادة 11 (أ) من القانون ذاته على عقوبة الحبس لمدّة لا تتجاوز ثلاث سنوات، وغرامة لا تزيد على (100،000) مئة ألف ريال قطريّ، أو إحدى العقوبتين لكلّ من يستخدم شبكة معلومات أو أيّ من وسائل التكنولوجيا بهدف انتحال شخصيّة قانونية أو طبيعية. ويُعتبر انتحال الهويّة الرقميّة في القانون القطريّ هو جُرم، بغضّ النظر عن النيّة وراء القيام بهذا السلوك.
كما أن تنُصّ المادة 6 من القانون ذاته على أنّ "كلّ من يُنشِئ أو يدير موقعاً إلكترونيّاً عبر شبكة المعلومات أو أيّ من وسائل التكنولوجيا لنشر أخبار كاذبة بهدف تعريض سلامة وأمنّ الدولة أو نظامها العام للخطر، يعُاقب بالحبس مدّة لا تتجاوز ثلاث سنوات وغرامة لا تزيد عن (500.000) خمسمئة ألف ريال قطريّ أو إحدى العقوبتين.
بالإضافة إلى ذلك، فإن كل من يقوم بترويج، أو إذاعة، أو نشر الأخبار الكاذبة بأيّ وسيلة أو لأيّ هدف، يُعاقب بالحبس مدّة لا تتجاوز سنة وغرامة لا تزيد عن (250.000) مئتين وخمسين ألف ريال قطريّ، أو بإحدى العقوبتين. لذا، وبغضّ النظر عن مواقفك السياسيّة ومعتقداتك، فإنّ القانون العام للمجتمع لا يسمح بتعريض سلامة الدولة للخطر خاصة عبر نشر الأخبار الكاذبة تحت أيّ ادعاء ، أو حتى تحت حجّة حقّ التعبير عن الرأي! وفي هذا الصدد، تجدر الإشارة إلى أنّ هذا توجّه عالميّ، ولا يؤثّر على حقّ الفرد في التعبير.
في الختام، قمنا بذكر بعض الأمثلة التي تتعلق بممارسة حقّ التعبير، بالإضافة إلى بعض المسؤوليات والعواقب المرتبطة بهذه الممارسة. لذا، تذكرّ دائماً أنّ حقّ التعبير حقٌّ أساسيّ، كما نشجّعك على الاستفادة منه والترويج له. ولكن من ناحية أخرى، يتوجب عليك مراقبة كيفية ممارسة هذا الحقّ، مثل أيّ حقّ آخر لك، حيث تعكس الطريقة التي تمارس بها هذا الحقّ بيئتك وسلوكك بعيداً عن الشاشة، لذا كن ممثّلاً جيدًا أمينًا لعائلتك ومجتمعك على الإنترنت واتّبع سلوكاً جديراً بالثناء كما تفعل بعيداً عن الإنترنت.