تجنُّب فقدان البيانات أثناء استخدام الإنترنت
تُعدُّ البيانات والمعلومات وقودَ العصر، إذ تخوض البلدان حروباً إلكترونيّة ضاريةً سعياً للوصول إلى بيانات الدول الأخرى.
رغم أنّ بياناتك الخاصّة قد لا تكون بأهميّة بيانات الأبحاث النوويّة أو الطبيّة أو العلميّة، إلّا أنّها لا تزال مهمّة لك ولعائلتك، لأنها قد تتضمّن معلومات شخصيّة وخاصّة وحسّاسة، أو بعض الذكريات والصور ومقاطع فيديو. لذا، فإنّ خسارتها ستسبب لك الاستياء وتعرُّضُك أنت وعائلتك إلى خطر التعرُّض لسرقة الهويّة أو الإساءة، في حالة وقوعها بين أيدٍ خاطئة.
وينطبق الأمر ذاته على بيانات الأعمال، إذ قد يؤدي فقدانها إلى إفلاس الشركة أو الإساءة لسمعتها، خاصّةً إذا كانت البيانات المفقودة والتي تمَّ مشاركتها ونشرها تخصّ العملاء.
أسباب فقدان البيانات:
إنَّ بقائك على الإنترنت لوقتٍ طويل، بسبب العمل أو التعلّم على الإنترنت أو لأيِّ نشاطٍ آخر، قد يؤدي إلى زيادة خطورة فقدان بياناتك.
سنقوم بإدراج أبرز الطرق التي قد تَتَسبَّب بها الأنشطة عبر الإنترنت في فقدان البيانات أو تَلَفِها، لكيّ تكون على دراية وتعرف كيفيَّة مَنِع وقوع هذه الحوادث، أو على الأقل لتتمكّن من استعادة بياناتك.
قد ينتج فقدان بياناتك عن:
- الأخطاء البشريّة: مع عبء العمل الثقيل الذي نشهدهُ، إمّا بسبب العمل من المنزل أو عوامل سببت تغييرات في سير العمل مثل الوباء أو التوتّر أوانخفاض مستوى التركيز لديك، يزداد احتمال وقوع الأخطاء البشريّة، وغالباً ما ترتبط هذه الأخطاء بملفّات يتُمُّّ حذفُها عن طريق الخطأ أو يتُمُّّ استبدالُها من جهة صاحب الملفّات أو مساهمين آخرين في حالة حفظ هذه الملفّات ومشاركتها على التخزين السحابي.
- البرامج الخبيثة: يؤدي الاّتصال بالإنترنت إلى زيادة التعرّض للتهديدات مثل الفيروسات وبرامج التجسّس، والتي قد تُسبِّب أضراراً لنظام تشغيل حاسوبك أو قد تؤثر على بياناتك عن طريق تعديلها أو سِرِقَتها باستخدام برنامج تجسُّس تقوم بحذفها أو تشفيرها ما يجعل الوصول إليها مستحيلاً ما لَمّ يتُمّ دفع فدية.
- سرقة الأجهزة: إنّ بقاء أجهزتك المحمولة، وحاسوبك المحمول، ومحرّكات الأقراص الخارجيّة، وذاكرة الفلاش معك طوال الوقت في المنزل أو المدرسة أو الجامعة أو حتى في مكان عملك قدّ يُعرّضُها لخطر السرقة أو قد يُعرض محرّكات الأقراص للتلف.
- تلف الأجهزة: تُعدُّ أجهزة التخزين مكوّنات أساسيّة لأيّ جهاز، حيث يتمّ تخزين جميع البيانات عليها أو على الأقلّ يتمُّ الاحتفاظ بإصدار المستند الأخير والناشط لغرض التحرير. ولذلك تُعدُّ حماية الأجهزة وصيانتها، وخاصّة أجهزة التخزين مثل محرّكات الأقراص الثابتة وذاكرة الفلاش، إجراءً بالغ الأهميّة خاصّةً إذا كانت تُستخدم كجهاز للتخزين الاحتياطي.
تدابير الوقاية:
إنَّ خطورة التعرّض للعديد من التهديدات عبر الإنترنت يتطلب تنفيذ تدابير وقائيّة من شأنها دعمِكْ في حماية بياناتك من الفقدان والتلف.
فيما يلي بعض الإجراءات الوقائيّة المتوافقة مع ما سبق ذكره في الأعلى:
النسخ الاحتياطي للبيانات:
يُعدُّ النسخ الاحتياطي للبيانات إجراءً أساسيّاً لا ينبغي إهماله مطلقًا، ويجب تنفيذه بالطريقة الصحيحة. سيَضمَنّْ تطبيق استراتيجيّة "3-2-1" حماية ملفّاتك وأمانها. تعني استراتيجيّة "3-2-1" أنَّ لديك ثلاث نسخ من كلّ ملف. واحدة منها نشطة وهي النسخة التي تعمل عليها على حاسوبك المحمول، ونسختين احتياطيتين من الإصدارات السابقة محفوظة على اثنين من وحدات التخزين المختلفة، واحد محرك أقراص صلب (SSD) والآخر ميكانيكي.
في أيامنا هذه، وبهدف سهولة الوصول إلى ملفاتك الاحتياطيّة، يُمكنكَ استخدام التخزين السحابيّ بدلاً من أحد وحدات التخزين.
تشفير البيانات:
إنَّ تشفير بياناتك لن يَمْنَعَها مِنّ تعرُّضها للسرقة بلّ سيمنع قراءتها من قِبل جهاتٍ غير مصرّح لها، ما يجعل البيانات عديمة الفائدة لهم، ويُخفّف من الآثار السلبية التي ستحدث اذا تعرضت للسرق.
يجب الاحتفاظ بنسخة احتياطيّة من البيانات المشفّرة؛ لذلك، يُعدُّ تطبيق استراتيجيّة النسخ الاحتياطيّ الصحيحة جنباً إلى جنب مع تشفير البيانات أحد تدابير الوقاية المثاليّة.
تأمين الأجهزة والبيانات :
يمكن لبرامج مكافحة الفيروسات حماية أجهزتك من أيّ برامج خبيثة قد تَسرُق ملفاتك وتنقلها عبر الإنترنت، كما أنّها تُساعد على تحديد مواقع الإنترنت الضارة.
تشفير جهاز التخزين:
يُعدُّ تشفير أجهزتك جزءاً من تشفير البيانات، وإجراءً مُهماً خاصّة للهواتف الذكيّة، إذ سيمنع قراءة البيانات المخزنة على تلك الأجهزة من جهاتٍ غير مصرّح لها عند توصيل هاتفك الذكي كجهاز خارجي بأيّ حاسوب.
تفعيل العثور على جهازي:
هذه المّيزة متوفّرة حاليّاً، ويمكن تفعيلها على جميع أجهزتك وحساباتك، وتساعد في مسح بياناتك عن بُعد في حالة فُقِد جهازك أو تمّت سرقته. وتساعد مزامنة أجهزتك مع خدمة التخزين السحابيّ في منع فقدان بياناتك، كما تضمن توفُّر نسخ مُحدثّة من بياناتك يُمكن الوصول إليها في أيّ وقتٍ ومن أيّ مكان.
كُن يقظا:
جميع الخطوات المذكورة أعلاه ضروريّة لحماية بياناتك ولمنع فقدانها، ولكن الأهم هو أن تكون يقظاً ومدركاً أنّ تنفيذ كلّ ما سبق من إجراءاتٍ لا يكفي، إذ يُمكن تدميره كلّه بواسطة خطأ بشري بسيط. على سبيل المثال، تخيّل أنّ جميع بياناتك على السحابة وعلى محرّك أقراص خارجيّ أيضاً، وأثناء قيامك بمزامنة أجهزتك والتأكّد من أنّ لديكَ نسختين احتياطيتين مُتطابقتين، قرّرت مسح نسخة لينتهي بك الأمر بحذف الملفات من محرّك الأقراص وينتقل هذا الإجراء إلى السحابة بسبب عمليّة المزامنة ما قد يتسبّب في إزالة جميع الملفات وفقدانها نهائيّاً.
لذلك، عليك أن تكون على علم بالإجراءات التصحيحية وخطوات الاستيراد لتخطي هذه الحوادث.
الإجراءات التصحيحيّة وخطوات الاسترداد:
إنّ اتّخاذ جميع تدابير منع فقدان البيانات لا يعني أنّك لن تكون ضحيّة لأيّ من التهديدات المذكورة أعلاه. لذلك، ستساعدك الإجراءات التالية في استعادة بياناتك المفقودة إلى حالتها السابقة قبل وقوع الحادث:
ملفّات النسخ الاحتياطي:
بعدَ الاختراق وفقدان البيانات، يُمكنكَ الرجوع إلى أيّ من ملفّات النسخ الاحتياطيّ لاستعادة البيانات التالفة. يُمكن أن تكون استعادة البيانات من ملفّات النسخ الاحتياطيّ عمليّة صعبة وقد تَتَسبب في تلف ملفّاتٍ أخرى، لذلك يجب أن تكون على دراية بكيفيّة استعادة الملفّات من التخزين الاحتياطيّ ومعرفة أيّ ملف يجب استعادته. في الوقت نفسه، يجب اختبار الملف الاحتياطيّ من وقتٍ لآخر للتأكُّد من أنّ العمليّة تتمُّ بشكلٍ صحيح.
التخزين السحابي:
يُعدُّ استخدام التخزين السحابيّ طريقة حديثة لتخزين بياناتك ونسخ ملفاتك احتياطيّاً. ومن ميّزات التخزين السحابيّ قدرته على تتبّع واستعادة إصدارات سابقة من الملفّات أو استعادتها من سلّة المحذوفات السحابيّة ما قد يُساعدُكَ على استعادة المستند المفقود. ومع ذلك، إذا لم يتمُّ صيانتها، قد تفقد البيانات لأنَّ تحرير مستند واحد وحفظه بواسطة عدّة مستخدمين يمكن أن يؤدي إلى تعارض، وقد يتمّ حذفهُ ببساطة عن طريق أيّ شخص لديه حق الوصول.
استعادة البيانات من الأقراص التالفة:
أشرنا في الفقرات السابقة إلى أنّ محرّكات الأقراص الثابتة يمكن أن تُتلف، ويمكن استعادة البيانات من القرص الصلب التالف عن طريق تطبيق التدابير المذكورة أعلاه. إذا لم تكن أيّ من هذه الإجراءات موجودة ولم يكن لديك أيّ نِسخ احتياطيّة لمحرّك الأقراص التالف، يمكنكَ الاتّصال ببعض الشركات المتخصّصة في استعادة البيانات لدعمك في استعادة البيانات المفقودة. تُعدُّ هذه الإجراءات مُكّْلفة ويتمُّ تحديد الأسعار الكليّة بناءً على تقييم الشركات.
بعدَ سرد جميع التهديدات المذكورة أعلاه، والتدابير المضادة وخطوات الاسترداد، يعدُّ الوعي البشري والقدرة على تحديد نوع البيانات التي تتعامل معها أمرٌ بالغ الأهميّة لأنهُ يُساعدك على تحديد مستوى الحماية والتدابير التي يجب اتّخاذها.
وتُعدّ حماية البيانات عمليّة عالية التكلفة، بدءاً من حجم التخزين المطلوب للاحتفاظ بنسخ مختلفة من الملفات نفسها، إلى نوعيّة برنامج مكافحة الفيروسات، بالإضافة إلى الموارد المطلوبة لتشفير بياناتك.
وأخيراً تحتاج جميع هذه التقنيات إلى تحليل عميق ومعرفة جيدة حول حساسيّة البيانات التي تتعامل معها وأهميّتها، بالإضافة إلى الضرر الذي قد يُسببه ضياعها أو تسريبها.