التّصيّد الإلكترونيّ خلال الأزمات
تزداد بشكل لافت محاولات اختراق الخصوصيّة والحسابات الشّخصيّة والرّسميّة عند حدوث أزمة ما، وكمثال على ذلك، فإنّ أزمة تفشّي وباء فيروس كورونا أدّت إلى اضطرار بعض الدّول لاتّخاذ تدابير و إجراءات مختلفة للحدّ من انتشاره؛ منها تعليق الدّراسة في المدارس و المعاهد و الجامعات، والتّباعد الاجتماعيّ، و إغلاق المراكز التّجاريّة، و إيقاف عمل الحافلات و القطارات، و ربّما تصل هذه الإجراءات إلى فرض حظر التّجوّل الجزئيّ أو الشّامل؛ مما نتج عنه قيام كثير من المؤسّسات بالعمل عن بعد؛ من خلال المواقع أو التّطبيقات الإلكترونيّة عبر الإنترنت. كما أنّ كثيرًا من المؤسّسات التّعليميّة قد لجأت إلى تفعيل تطبيقات التّعلّم عن بعد؛ للمحافظة على استدامة عمليّة التّعليم والتّعلم الّتي لا يمكن الاستغناء عنها، فهي تأتي في المرتبة الثّالثة بعد الأمن والصّحّة.
وقد أدّى العمل و التّعلّم عن بعد إلى زيادة كبيرة في عمليّات التّواصل عبر البريد الإلكترونيّ، ومواقع التّواصل المختلفة، ويعدّ هذا الوضع بيئة خصبة ومثاليّة جدًّا لعمليّات التّصيّد الإلكترونيّ؛ القائمة على المكر و الخداع من قبل المخترقين، و تحيّنهم الفرصة السّانحة لصيد فرائسهم، ويهدف التّصيّد الإلكترونيّ بشكل رئيس إلى اختراق الحسابات والخصوصيّة؛ من خلال نشر عناوين ومعلومات جاذبة ومثيرة أو مستفزّة، مرتبطة بالواقع الحاليّ الّذي فرضته الازمة، و كمثال على ذلك، العناوين الافتراضيّة التّاليّة: (العلماء يتوصّلون إلى لقاح فعّال لفيروس كورونا)، (دورات مجّانيّة مع شهادة معتمدة في مهارات العمل عن بعد)، (أفضل التّطبيقات المجّانيّة للتّعلّم عن بعد)، (تطبيق المعلّم المساعد للتّعلّم عن بعد لجميع الموادّ الدّراسيّة)، (إذا كنت تبحث عن النّجاح وتحصيل أعلى الدّرجات انضمّ إلينا مجّانًا لتحصل بسهولة على ما تريد).
وغالبًا ما تكون هذه العناوين عبارة عن روابط خبيثة، تؤدّي إلى عمليّات الاختراق، والّتي ربما لا يشعر بها المستخدم، وتبقى تعمل في الخفاء في خلفيّة أعمال المستخدم الاعتياديّة، ويتمّ عاجلًا أو آجلًا توظيف هذا الاختراق في عمليّات الابتزاز أو التّشهير أو تنفيذ مطالب، وربّما يصل الضّرر إلى أبعد من ذلك بكثير؛ عندما يكون اختراق حسابك بوّابة لاختراق حسابات أخرى؛ لأصدقائك أو زملائك او مدرستك أو مؤسّستك، أو ربّما الأسوأ من ذلك إذا ما تمّ الوصول إلى الحسابات الحكوميّة في بلدك من خلال اختراق حسابك؛ نعم، لا تستغرب ذلك، ولا تستبعده؛ فمثلا: إذا كنت طالبًا أو معلّمًا أو موظّفًا في مدرسة حكوميّة، و لديك حساب بريد إلكترونيّ رسميّ مرتبط بحساب مدرستك أو وزارة التّعليم في بلدك، فهناك فرصة حقيقيّة للمخترق للقيام بالبحث عن ثغرات من خلال حسابك؛ للوصول إلى حسابات أخرى. إنّ هذا الأمر بلا شكّ خطير جدًّا؛ ولا بُدّ من اتّخاذ كافّة الاحتياطات والاجراءات وتوخّي أقصى درجات الحيطة والحذر تجاهه؛ ومن هنا لا بُدّ للطّالب والمعلّم والأب والأمّ والموظّف إلى غير ذلك من شرائح المجتمع أن يعوا تمامًا مسؤوليّتهم تجاه ذلك، وأن يكون لديهم الوعي الكافي لكيفيّة التّصدّي لمثل هذه المحاولات، واتّخاذ كافّة الاحتياطات والاجراءات الكفيلة بمنع هذا الاختراق، وتفويت الفرصة على هؤلاء المخترقين الانتهازيّين في الوصول إلى حساباتهم أو الحسابات الأخرى المرتبطة بهم. .
ومن هنا يبرز دور المعلّم والمدرسة والوالدين بشكل خاصّ في عمليّات التّوعيّة والمتابعة بشكل مستمرّ، من خلال نشر و تمرير رسائل التوعيّة بضرورة الحصول على المعلومات من مصادرها الرّسميّة والموثوقة إلى غير ذلك من الرسائل، إضافة إلى التّوعيّة بالمخاطر الشّديدة الّتي يمكن التّعرّض لها نتيجة ذلك، وآثارها السّلبيّة وربّما المدمّرة على المستويات الشّخصيّة او المجتمعيّة، أو ربّما مستويات أعلى من ذلك، و يمكن أن يتمّ ذلك من خلال نشرات مطبوعة توزّع على الطّلّاب، أو تنشر في صفوفهم و في ممرات المدرسة و المقصف المدرسيّ أو من خلال مقاطع مصوّرة، و عروض تقديميّة و نشرات إلكترونيّة يتمّ نشرها على موقع المدرسة الإلكترونيّ، أو حساباتها على وسائل التّواصل الاجتماعيّ، أو عبر تطبيقات التّعلّم عن بعد، أو من خلال المناقشات الصّفيّة الحيّة داخل الصفوف، أو الافتراضيّة عبر الوسائل الإلكترونيّة، أو من خلال التحدّث إلى أفراد العائلة أثناء الجلسات العائليّة داخل المنزل أو أثناء جولة بالسّيارة، أو عند التنزّه ...إلى غير ذلك