ما الذي يجب عليّ معرفته حول حريّتي في التعبير عبر الإنترنت؟
الجرائم الإلكترونية وحقوق أطفالي
تتيح التكنولوجيا طرقًا مختلفة للتفاعل بين الأفراد، بحيث تصبح جميع أنواع التفاعل الاجتماعي ممكنة، وللأسف، فإن الجرائم هي أحد أنواع هذا التفاعل. يُمضي الأطفال والشباب معظم أوقاتهم على الإنترنت من خلال هواتفهم الجوّالة الخاصة التي تصلهم بالعالم الإلكتروني، ممّا قد يعرّضهم لجرائم إلكترونية أو يجعلهم يعتمدون سلوكيات تؤدي عن عمد أو عن غير عمد إلى ارتكاب جرائم إلكترونية. بصفتك أبًا، يقضي دورك بإرشاد طفلك وحمايته، لكن عليك أولًا التعرّف على حقوق الطفل وفهم معنى الجرائم الإلكترونية.
بدايةً، ما هو تعريف الطفل؟
انضمت قطر في العام 2010 إلى اتفاقية حقوق الطفل التي عرّفت الطفل على أنه "كل إنسان ما دون الثامنة عشرة من العمر". بحسب المشرّعين القطريين، الطفل هو "كل من لم يبلغ الثامنة عشرة من عمره" (المادة السابعة من القانون رقم 14 حول مكافحة الجرائم الإلكترونية). بالرغم من أن هذه المادة تجرّم صراحةً استغلال الأطفال في إنتاج المواد الإباحية، يتعامل النظام القضائي بجدّية كبرى مع كل من يرتكب جريمة بحق طفل عبر وسائل إلكترونية من خلال فرض عقوبات مشدّدة.
لكن ماذا لو ارتكب طفل جريمة إلكترونية أو أي جريمة أخرى عبر وسائل إلكترونية؟
في هذه الحالة، ستطبّق القوانين الإجرائية والجنائية الاعتيادية وتفرض عقوبة مخفّفة، في حال وجودها، بحسب عمر الطفل وظروفه.
على كل حال، نحن نعيش في عالم رقمي يستحيل فيه التخلّي عن استخدام التكنولوجيا، وما زلنا، بطريقة أو بأخرى، نجهل الكثير حول العالم الرقمي. لا يزال علينا أن نحمي أطفالنا في مثل هذا العالم حيث التحديات التي نواجهها، وحقوقنا ومسؤولياتنا آخذة في التغيّر.
كأب أو أم، ما الذي عليّ معرفته بخصوص الجرائم الإلكترونية؟
تقنيًا، وبحسب القانون القطري، تعرّف الجريمة الإلكترونية على أنها "أي فعل تستخدم فيه وسائل تكنولوجيا المعلومات، أو نظام معلوماتي، أو شبكة معلوماتية بشكل غير قانوني"، وقد عدّد القانون بعض أنواع الأفعال الجنائية التي تعرّف، في المادة الثانية إلى المادة الثالثة عشرة، على أنها من الجرائم الإلكترونية. هذه الجرائم واضحة التعريف ومعترف بها دوليًا من المشرّعين في أنحاء العالم كافة.
تشمل الأنشطة الجنائية بوجه خاص استغلال الأطفال إنتاج المواد الإباحية، والتنمّر الإلكتروني، وسرقة الهوية. تظهر إحدى الدراسات التي أجريت بين العامين 2016 و2017 بأن الطفل يتعرّض وسطياً في سن الحادية عشرة لمحتوى إباحي علني عبر الإنترنت. يتعرّض 93% من الأطفال الذكور و62% من الإناث لمحتوى إباحي خلال مراهقتهم، و22% من المواد الإباحية الكبيرة الحجم الموجّهة لمن هم دون الثامنة عشرة تصل إلى من هم دون العشر سنوات!
تواكب مع اتّساع الإنترنت والتكنولوجيا الرقمية المتقدّمة طفرة في سوق المواد الإباحية التي تستخدم الأطفال. إن الصور الإباحية الخاصة بالأطفال متاحة بكل سهولة عبر جميع الوسائل التي تستخدم الإنترنت دون استثناء، بما في ذلك مواقع التواصل الاجتماعي، ومواقع مشاركة الملفات، ومواقع مشاركة الصور، وأجهزة الألعاب الإلكترونية، وتطبيقات الهاتف الجوّال. يستطيع مستغلّو الأطفال إباحيًا الاتّصال بمنتديات وشبكات الإنترنت لمشاركة أهوائهم، ورغباتهم، وتجاربهم في استغلال الأطفال، فضلًا عن بيع الصور، ومشاركتها والإتجار بها.
فضلًا عن ذلك، يسبّب التنمّر الإلكتروني، كما سائر أشكال التنمّر، مشاكل نفسية وعاطفية وجسدية. فكل طفل يستجيب للتنمّر بطريقة مختلفة، إلا أن الأبحاث أظهرت نزعات عمومية.
تشير الإحصاءات في أنحاء العالم إلى وقائع مخيفة حول المضايقات على الإنترنت، وتأثيرها، ومختلف الأشكال التي قد تتخذها. 80% من الأطفال يمتلكون هاتفًا جوّالًا وحسابات عدّة على مواقع التواصل الاجتماعي، ويقرّ 57% منهم بأنهم شهدوا على مضايقات إلكترونية أو اختبروها بأنفسهم. يعتبر التنمّر على وسائل التواصل الاجتماعي أكثر شيوعًا على إنستغرام (42%)، يليه الفيسبوك (37%) وسناب شات (31%). فضلًا عن ذلك، يواكب المتنمّرون على الإنترنت الصيحات، ولا عجب أن الفيسبوك في أدنى القائمة من حيث المضايقات التي تجري عليه، لأن الأطفال يتّجهون إلى منصّات جديدة تستهويهم، وغالبًا ما تعتبر مواقع مثل الفيسبوك "قديمة الطراز".
كما ترون، يعتبر التنمّر الإلكتروني واستغلال الأطفال في إنتاج المواد الإباحية، وغيرها من الأخطار، من المشاكل الحقيقية الشائعة في الفضاء الإلكتروني، بالنسبة إلى المواطنين والمقيمين على حد سواء، إلا أننا نستطيع التحرّك لمحاولة منع حدوث ذلك. بالرغم من عدم وجود أمان تام على الإنترنت، يمكن لأي شخص اتخاذ إجراءات وقائية، ولو بسيطة، ولا سيما أولياء الأمور الذي يعتبر دورهم أساسيًا في توجيه الطفل حول كيفية تصفّح الإنترنت أثناء الاتّصال به وخارجه.
- قم بتوعية الطفل بالإجراءات الأكثر موثوقية للحفاظ على الأمن الإلكتروني.
- تحاور معه، وتحدث إليه حول السلامة الافتراضية وتصفّح الإنترنت معه لزيادة التوعية.
إن كنت لا تجيد استخدام الوسائل التكنولوجية، لا تستسلم! يمكنك أن تلعب لعبة الأب الفطن. اجلس بكل بساطة مع طفلك واطلب منه تعليمك. أطلب منه أن يعلّمك كيفية استخدام البرامج التي يلج إليها. بهذه الطريقة، يمكنك الاتّصال بصميم الأنشطة التي يقوم بها الطفل يوميًا على الإنترنت وتوجيهه في الوقت عينه.
- قم بتوعية الطفل لناحية عدم مشاركة أي معلومات خاصة بطبيعتها مثل الصور الشخصية. قل له ألا يشارك معلومات مثل اسمه الكامل، وعنوانه، واسم مدرسته، ورقم هاتفه، وكلمات المرور الخاصة به، لأسباب أمنية. انصحه بعدم نشر مثل تلك المعلومات أو تقديمها كردّ على الأسئلة التي يتلقاها عبر الإيميل أو الرسائل الخاصة، أو غرفة الدردشة، أو المنتديات. ساعد طفلك على فهم ما تقصده بجهات الاتّصال غير المناسبة.
- ابقَ على اطلاع. تعرّف إلى المواقع التي يرتادها طفلك والجهات التي يتواصل معها.
- استخدم برامج فلترة أو مراقبة. جهّز نفسك بالحرص على أن تحمي طفلك على الإنترنت حتّى لو لم تكن موجودًا لمراقبته.
- استخدم أدوات مراقبة أبوية. معظم المواقع الإلكترونية الموثوقة تتيح خيار الرقابة الأبوية التي يمكنك استخدامها.
- طبّق جميع الإعدادات المتعلّقة بالخصوصية.
- تعامل مع حساباتك، وأسماء المستخدمين، وكلمات المرور الخاصة بك على أنها معلومات حسّاسة. اختر اسم المستخدم الخاص بك بعناية بالنسبة للحسابات والإيميلات.
- لا تتردّد أبدًا في الاتّصال بالشرطة. في حال صادف طفلك أو أطفالك جهة اتصال غير مناسب، بلّغ هيئات إنفاذ القانون فورًا بذلك.
في النهاية، من المفيد أن نعلم بأن وزارة الداخلية أنشأت قسمًا خاصًا بالأمن الإلكتروني. يشكل قسم مكافحة الجرائم الاقتصادية والإلكترونية الشديد التطور من الناحية التكنولوجية جزءًا من إدارة البحث الجنائي الكائنة في الدحيل. يحرص هذا القسم على سلامتنا في الفضاء الإلكتروني، ويولي عناية خاصة بالحالات التي تخص الأطفال. لذا الرجاء عدم التردد في الاتصال به عند مصادفة موقف غير آمن أو مجرّد الاشتباه بمواجهة طفلك أي نواع من المشاكل على الإنترنت.