لماذا يجب أن أكون على دراية بالوسائط الحساسة؟
ضمان سلامة الطلاب وإنتاجيتهم أثناء التعلم عن بُعد
منذ أن أصبحت الأدوات التكنولوجية متاحة في جميع أنحاء العالم، بدأ الكثيرون يعتمدون التعلّم عن بُعد كبديل ناجح؛ وقد أخذ هذا المنحى في التسارع بعد جائحة كورونا التي اجتاحت العالم عام 2020، وحالات الإقفال التام التي رافقتها، وقد يصبح المعيار الجديد للتعلّم نظرًا إلى المرونة العالية التي يتيحها. وممّا لا شكّ فيه أن تغييرًا سريعًا كهذا يولّد أيضًا تحديات جديدة تتعلّق بأداء الطلّاب عبر الإنترنت.
ما الأدوات التي يمكنني استخدامها عبر الإنترنت لمساعدة طلّابي على تحسين مهاراتهم في الكفاءة الذاتية وتحفيزهم أثناء التعلم عن بُعد؟
تُعرّف الكفاءة الذاتية ببساطة على أنها ثقة الطالب في قدراته على أداء مهمّة معينة. بمعنى آخر، هي "الفجوة" بين المهارات المطلوبة لأداء مهمةٍ ما، كمسألة رياضية مثلًا، وتقييم الفرد الذاتي لتلك المهارات. قد يؤدّي بالتالي تراجع الكفاءة الذاتية إلى ضعف الأداء في الصف. لكن لحسن الحظ، يمكن إدراك هذه الفجوة والعمل على تقليصها بفضل الإجراءات المدروسة التي يتخذها المعلم ومن الاختلافات الواضحة والأساسية بين التعليم الحضوري والتعليم عن بُعد هو غياب التفاعل الجسدي بين المعلمين والطلّاب. فعدم رؤية الزملاء والمعلمين يحوّل عملية التعلّم برمتها إلى عملية فردية حيث يكون كل فرد مسؤولًا عن نفسه، ويزيد أيضًا من صعوبة المهمّة، الأمر الذي يؤدّي إلى تراجع كفاءة الطلّاب الذاتية. وعلى الرغم من القيود التي يفرضها التعلم عن بُعد، يستطيع المعلّمون الاستفادة من تطبيقاتٍ إلكترونية عدّة يمكن أن تساعد الطلّاب في دراستهم. في هذه الحالة، على المعلّمين اختيار منصّات آمنة و"ممتعة" تعزّز روح التعاون بين الطلّاب، ويمكنهم إيجاد تطبيقات من خلال محركات البحث المختلفة مثل جوجل Google، فضلًا عن وجود الكثير من المواقع الإلكترونية والمدوّنات التي تعمل بانتظام على توثيق تطبيقاتها المفضلة وتقديمها لغرض التعلّم عن بُعد. فعندما يحدد المعلّم بعض الخيارات يمكنه حينئذ قراءة التعليقات على تلك التطبيقات، التي يمكن الوصول إليها أيضًا من خلال محركات البحث، وتحديد مدى سلامتها لأغراض الحصّة الدراسية.
قد يساعد استخدام لوحات المناقشة عبر الإنترنت التي تسمح للطلّاب بنشر أسئلة عن أيّ موضوع يتعلّق بالحصة الدراسية بمكان أشبه بالمنتدى دون الكشف عن هويتهم على توليد مناخٍ "صفّي" يشعر فيه الطلّاب وكأنهم في الصفّ ويشاهدون زملائهم يطرحون الأسئلة ويحصلون على حلول للمسائل . بشكلٍ عام، سيشعر الطلّاب حينها بأنهم جزء من المجتمع التعلّيمي وسيدركون بالتالي أنهم ليسوا منعزلين.
علاوةً على ذلك، يمكن للمعلّمين إنشاء مجموعات على مواقع التواصل الاجتماعي مثل تطبيقي فيسبوك Facebook وواتساب WhatsApp على الهاتف المحمول. هذه التطبيقات تساعد الطلّاب والمعلمين على مناقشة اهتماماتهم خارج المدرسة، مما يعزز الترابط على المستوى الشخصي ويساعد على تطوير الجانب الإنساني من هذه العملية، وهو أمر مستحيل عمليًا في بيئة إلكترونية بالكامل.
كيف يُمكنني استخدام هذه الأدوات بأمان عبر الإنترنت لمساعدة طلّابي على تطوير مهارات الكفاءة الذاتية لديهم من دون تعريضهم للخطر؟
على الرغم من أنّ التطبيقات الإلكترونية مناسبة، إلّا أنها تُعرّض الطلاب للتنمر الإلكتروني غير المرغوب فيه والمضايقات الإلكترونية المحتملة. على سبيل المثال، إذا قام الطلاب باستخدام منصّات التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك Facebook وواتساب WhatsApp، فيجب عليهم الحرص من عدم مشاركة معلومات الاتصال الخاصّة بهم مع الآخرين واقتصارها على زملائهم في الصف فقط. بالإضافة إلى هذا، يتيح فيسبوك Facebook من جهته إجراءات سلامة إضافية تحدّد من يُمكنه البحث عن الملف الشخصي ورؤية المعلومات الشخصية.
ثانيًا، توفّر منصّات التعليم التي تطلب من الطلاب إنشاء حساب أولاً، ثمّ الانضمام إليها من خلال رابط يرسله المعلم حماية إضافية . وفي هذه الحالة، يمكن للمعلّمين أن يطلبوا من طلّابهم إنشاء حسابات عبر بريدهم الإلكتروني التابع للمدرسة والاحتفاظ برابط الانضمام لأنفسهم فقط. إنّ هذه الطريقة ستضمن سلامة المجتمع وتعاونه.
فضلًا عن ذلك، وللحدّ من التعرّض لمحتوىً غير ملائم على المواقع الإلكترونية، يجب تنبيه الطلبة إلى ما قد تتعرّض لها صحتهم العقلية والنفسية من مخاطر عند زيارة بعض المواقع الحسّاسة. لذا لا بدّ هنا من إرشادهم بشأن المواقع التي يمكنهم زيارتها، أو إرشاد الأهل حول كيفيّة التحكّم بالمحتوى الذي يتعرّض له أطفالهم لمنعهم من الخوض في مغامرات محفوفة بالمخاطر.
من جهةٍ أخرى، هناك أيضًا مخاوف ناجمة عن الدراسة عبر الإنترنت بشأن التعرّض للخداع أو التصيد الالكتروني من خلال رسائل البريد الإلكتروني أو المواقع الإلكترونية المزيّفة. لذا على المعلّمين توعية الطلّاب بالطرق المحتملة التي قد يستخدمها المحتالون لاستهدافهم من خلال مراجعة المصادر المعتمدة من الحكومة المحلية أو التي ترعاها الجامعة أو المدرسة في الصف.
على المعلم أيضًا تقديم الدعم كيفما أمكن . على سبيل المثال، إذا لاحظ تغيّب الطالب عن الحصص الدراسية التي تُجرى عن بُعد أو توقفه فجأة عن إرسال واجباته لمدرسيّة، فذلك يدلّ على أنّ الطالب قد يحتاج إلى دعم إضافي. في حالات كهذه، على المعلمين التواصل معه على الفور وتقديم المساعدة له. وعلى نحوٍ مماثل، نادرًا ما يكشف ضحايا المضايقة الإلكترونية عن أنفسهم. لذا لا بدّ للمعلمين من تهيئة بيئة يشعر فيها الطلّاب بأنه مرحّب بهم، وهذا يتطلب بذل جهود متضافرة لتعزيز العلاقة بينهم وبين الطلّاب، وذلك بسبب صعوبة بناء مثل هذه العلاقة في بيئة إلكترونية.
في هذه الحالة، يُعدّ التشجيع على المشاركة في الصفّ من خلال تطبيقات الدردشة أو الإجابة عن الأسئلة مباشرة مبادرة جيّدة لرفع معنويات الطلاّب أثناء التعلم عن بُعد.
ماذا عن تحفيز الطلاب؟ كيف يمكن الحرص على تحفيزهم أثناء التعلّم عن بُعد مع الحرص على سلامتهم وعدم تعرّضهم لأيّ تهديدات إلكترونية؟
بالمقارنة مع التعلّم المادّي الحضوري، تقع مسؤولية الدراسة وتقديم الامتحانات على عاتق الطالب، ما يعني أنه على الطلّاب إيجاد وسائل لتتبّع تقدّمهم، وتحمّل المسؤولية، وتحفيز أنفسهم دومًا. ومع ذلك، يمكن للمعلّمين تسهيل هذه العملية عبر التدخّل بأشكال مختلفة في إجراءات التدريس الروتينية التي يتّبعونها.
وعادة ما يكون الدافع للدراسة هو كيفية نقل المحتوى للطلاب. لذا، ومن أجل ضمان استمرار تحفيز الطلّاب، من المهمّ تبسيط المفاهيم المملّة والصعبة قبل نقلها إليهم، وذلك من خلال الإكثار من استخدام الصور والرسوم البيانية وأمثلة من الواقع.
علاوةً على ذلك، يستطيع المعلمين بدورهم وضع واجبات واختبارات للطلّاب تقوم على مبدأ التعاون والتفاعل لا على التنافس. كذلك، يساعد تقسيم الطلاب إلى مجموعات على تشجيعهم على الدراسة معًا عن بُعد عبر برامج مثل زوم (Zoom) وزيادة إنتاجيتهم من خلال تشجيع أقرانهم لهم، ناهيك عن أنّ العمل الجماعي لا يسمح بإضاعة الكثير من الوقت. من ناحيةً أخرى ،على المعلّمين أيضًا منع طلابهم من التعرض للمضايقات الإلكترونية من خلال توجيههم لاستخدام البريد الإلكتروني الرسمي التي توفرها المدرسة لهم عند إنشاء حساب زوم Zoom ، وعدم مشاركة روابط الفيديو التي قد تُنشر لاحقًا خلال الحصّة.
وللتأكّد من أنّ الطلاب لم يفوّتوا شيئًا مما تمّ تقديمه خلال الحصّة، يمكن للمعلّمين إجراء اختبارات قصيرة سريعة من أجل اختبار ما تعلّمه هؤلاء الطلّاب أثناء الحصّة. ويمكنهم أيضًا الاستعانة في هذا الإطار بمنصّة كاهوت (Kahoot) التي تعتبر من الوسائل المسلّية والآمنة لتنفيذ هذه الاختبارات. هذه المنصّة قائمة على الألعاب التعليمية الإلكترونية يضع من خلالها المعلّمون اختبارات للمعلومات العامّة مع استخدامهم رسومًا بيانية مباشرة ويمكن للطلّاب الإجابة عنها عبر هواتفهم أو أجهزة الكمبيوتر المحمولة الخاصّة بهم . وعند وضع هذا الاختبار، يمكن للمعلّم مشاركة رمز سري(PIN) مع الطلاب للدخول بواسطته إلى الاختبار وإجرائه، وبذلك، يضمن مشاركة طلّاب الصف وحدهم في هذا النشاط، دون أيّ تدخل من الخارج.
وانطلاقًا مما ذكِر، ما هي بعض نصائح الأمان التي يجب أخذها دائمًا في عين الاعتبار عند التعليم عن بُعد؟
- لا تطلب من الطلّاب التسجيل في أيّ أداة إلكترونية بواسطة بريدهم الإلكتروني الشخصي. يجب أن يستخدموا عنوان البريد الإلكتروني المعتمد من المدرسة فقط.
- اطلب من الطلاب عدم إضافة معلوماتهم الشخصية أثناء إنشاء حساباتهم على هذه التطبيقات الإلكترونية.
- اطلب منهم عدم حفظ تفاصيل حساباتهم على أجهزة الكمبيوتر العامة، وتسجيل الخروج دائمًا عند الانتهاء من العمل.
- قم بتوجيه الطلاب إلى عدم قبول رسائل مباشرة من أشخاص لا يعرفونهم، وعدم تنزيل أيّ مرفقات من بريد إلكتروني مشبوه.
- اطلب من أولياء الأمور تثبيت برنامج مكافحة للفيروسات على الحاسوب المحمول الخاص بطلابك واطلب منهم تحديثه باستمرار.
- اطلب من طلابك الحفاظ على سرية كلمة المرور وبيانات تسجيل الدخول الخاصّة بهم وعدم مشاركتها مع أيّ شخص، بمن فيهم أصدقاؤهم.
- لا تشجع طلابك على تحميل أيّ تطبيقات إضافية غير مطلوبة. فبعضها قد يتضمن رسائل مزعجة وقد يصيب حاسوبهم المحمول ببرامج ضارة.
- اقرأ دائمًا شروط وسياسات الخصوصية لمعرفة كيفية تخزين التطبيق للبيانات واستخدامها، وذلك لأنّ هناك تطبيقات كثيرة تخزّن بعض البيانات عن المستخدم وتشاركها مع شركات خارجية.
- اطلب من طلابك عدم استخدام منصّات المدرسة الرسمية لمناقشة مسائل شخصية أو إرسال صور ومقاطع فيديو، لأنّ هذا الأمر قد يضعهم في مواقف مزعجة هم في غنىً عنها.
في الختام، وبالرغم من أنّ التدريس عن بُعد مريح، إلا أنه لا يخلو من التحديات. وحرصًا على تطوير الكفاءة الذاتية للطلاب والحفاظ على إنتاجيتهم، يمكن للمعلّمين الاستعانة بأدواتٍ عدّة عبر الإنترنت لإجراء لقاءات إلكترونية بواسطة الفيديو، ووضع تمارين ممتعة وإجراء التقييمات، وإتاحة قدرٍ أكبر من التعاون.
على المعلمين أيضًا أن يحرصوا على أن يكون طلابهم في مأمن من أيّ مضايقات أو تهديدات إلكترونية وعدم تعرّضهم لمواد غير لائقة عبر الإنترنت، وذلك من خلال تشجيعهم على استخدام عناوين البريد الإلكتروني الخاصّة بالمدرسة فقط، وأن يطلبوا منهم إضافة الأصدقاء الموثوق بهم فقط في ملفاتهم الشخصية على وسائل التواصل الاجتماعي. وإذا كان الصف ينظَّم كل أسبوع تقريبًا عن بُعد، فيتوجب على الطلّاب الحفاظ على أمن الرابط الإلكتروني للحصّة. وفي حال واجه أحد الطلاب أيّ تنمر عبر الإنترنت، يمكن للمعلّم مساعدته في إبلاغ الجهات التي تتعامل مع مثل هذه الحالات.