كيف أحرص على الحفاظ على إنتاجيّة الطلّاب وسلامتهم أثناء التعلم عن بُعد؟
الواقع المعزّز والواقع الافتراضيّ في التّعليم
إذا كنت معلّماً يبحث باستمرار عن طرق مبتكرة لإشراك الطّلّاب وتحفيز فضولهم للتّعلّم فهذه المقالة مخصّصة لك، لأننا سنتحدث حول أحدث ابتكارات التّعلّم التّفاعليّ.
بعد أن قادنا نقاش "فكّر خارج الكتاب" إلى استخدام تقنية الحاسوب في الفصول الدّراسيّة، يقدّم مستوى أعلى من التقنية اليوم ابتكارين في مجال التّعليم: الواقع الافتراضيّ (VR) والواقع المعزّز (AR)
ما هو الواقع الافتراضيّ (VR)؟
هو خلق بيئة محاكاة كاملة عبر تقنية الحاسوب حيث يمكن للمستخدمين التّفاعل مع الأجسام ثلاثيّة الأبعاد وإشراك حواس الرّؤية والسّمع واللّمس وحتّى الشّمّ.
ما هو الواقع المعزّز (AR)؟
إنّها تقنية تعزّز عالمنا المادّيّ عبر إضافة طبقات من المعلومات الّتي يتمّ إنشاؤها بواسطة الحاسوب، كالأصوات والمقاطع المصوّرة والرّسومات على سبيل المثال، إلى ما نراه حولنا. على عكس الواقع الافتراضيّ لا يخلق الواقع المعزّز بيئة اصطناعيّة كاملة، بل يبني على بيئة موجودة سابقاً.
ما هي فوائد وتحدّيات استخدام الواقع الافتراضيّ والواقع المعزّز في التّعليم؟
نظراً لزيادة حضور التّقنية في حياة المتعلّمين الصّغار، سواء في ألعاب (الفيديو) أو التّرفيه على الأجهزة اللّوحية، يستحسن تضمين هذه التّقنيات في تجاربهم التّعليميّة أيضاً. يتوضّح ذلك في النّتائج الإحصائيّة الّتي تقدّر اهتمام 97٪ من الطّلّاب بالتّعلّم عبر الواقع الافتراضيّ، وتتوقّع أن يكون التّعليم رابع أكبر قطاع في استثمارات الواقع الافتراضيّ.
ولكن قبل تضمين تقنيات الواقعين الافتراضيّ والمعزّز في بيئات التّعلّم دعنا نستكشف فوائد وتحدّيات القيام بذلك.
الفوائد:
- تجارب تعليميّة غامرة: يمكنك تلبية متطلّبات أنماط التّعلّم المختلفة باستخدام الواقعين الافتراضيّ والمعزّز للتّدريس. فبعض الطّلّاب يفهمون بشكل أفضل حين يرون الأشياء (التّعلّم البصري)، والبعض الآخر حين يسمعون (التّعلّم السمعي)، وغيرهم حين يلمسون ويتحرّكون (التّعلّم الحسّيّ الحركيّ). وهكذا تلبي تقنيات الواقعين الافتراضيّ والمعزّز جميع أنماط التّعلّم المذكورة أعلاه وتساعد الطّلّاب على حفظ المعلومات بشكل أفضل.
- رفع مستوى مشاركة الطّلّاب: تعزّز الإثارة الّتي تحدثها تقنيات الواقعين الافتراضيّ والمعزّز رغبة الطّلّاب في التّعلّم، وتجعل الموادّ التّعليمية أكثر انتشاراً في محادثاتهم؛ إذ يشعرون بالحماس لمشاركة تجاربهم الإيجابيّة في التّعلّم مع زملائهم وأفراد أسرهم، خاصّةً أنّهم يشهدون تقنية مبتكرة لا تزال غير متاحة على نطاق واسع أو بأسعار معقولة للجميع. ومن الأمثلة على ذلك ما فعلته شركة (CASE) للتّقنية باستخدام تقنية الواقع المعزّز لتحويل جدار عاديّ إلى لعبة كرة ممتعة تتحدّى الطّلّاب لإصابة الأشكال العائمة.
- زيادة إمكانيّات التّدريس: لم تعد المواضيع المعقّدة أو الجافّة تشكّل تحدّياً بفضل موارد الواقعين الافتراضيّ والمعزّز الثّريّة؛ فيمكنك الآن أخذ طلّابك خارج الحدود المادّيّة لاستكشاف المعالم الجغرافيّة، أو تشريح الجسم على سبيل المثال، كما يمكنك داخل الفصل الدراسي تعليمهم حول الكوارث الطّبيعيّة وهم بمأمن من مخاطرها.
- فرص تطوير فريدة: يعِد الواقعان الافتراضيّ والمعزّز بنتائج عظيمة في تعليم الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصّة، وتعدّ (جوليا سويونغ ليم) أحد الأمثلة الشهيرة، حيث طوّرت لعبة محاكاة الواقع المعزّز لمساعدة الطّلّاب المتوحّدين على بناء مهارات التّفاعل الاجتماعيّ.
التّحدّيات:
- الحاجة إلى بنية تحتيّة داعمة: يجب أن تكون الشّبكات في المؤسسات التّعليمية قويّة بما يكفي لدعم سرعة بث موادّ الواقعين الافتراضيّ والمعزّز للحصول على أفضل النّتائج، ومع ذلك يوفّر بعض مقدّمي الخدمات محتوى لا يتطلّب اتّصالاً بالإنترنت.
- مسائل تتعلّق بالخصوصيّة: يساهم استخدام تقنيات الواقعين الافتراضيّ والمعزّز في تسجيل البيانات الحسّاسة مثل تتبّع العين وتعرّف الوجه والتّفاصيل (البيومترية) الأخرى الّتي لا يرغب أحد في مشاركتها طوعاً. بسبب ذلك يجب اتّخاذ الاحتياطات المناسبة عبر الاطّلاع على سياسة حماية البيانات لكلّ مزوّد برامج ومحتوى.
- مخاوف تتعلّق بالصّحّة والسّلامة: لا تعدّ الآثار البدنيّة لاستخدام تقنيات الواقعين الافتراضيّ والمعزّز أمراً مشجّعاً؛ فقد تسبّب طبيعتها الغامرة مجموعة متنوّعة من المضايقات مثل: إجهاد العين، أو الغثيان، أو التّعرّض للإشعاع، والقلق أحياناً حين يحفّز المحتوى المشاعر أكثر ممّا ينبغي.
- الإدمان على العالم الافتراضيّ: نحن نكافح إدمان الشّاشة، ولا يمكننا تحمّل شكل جديد من التّعلق بالتّجارب الافتراضيّة، ورغم فرص التّعلّم الرّائعة، يمكن للمدخلات الاصطناعيّة التّأثير على المهارات الاجتماعيّة لدى الطّالب، خاصّة أنّ مثل هذه التّجارب مبرمجة عادةً، ما يجعل الطّلّاب أكثر خمولاً من مستخدمي التّفكير النّقديّ.
كيف تستخدم الواقعين الافتراضيّ والمعزّز بفعاليّة في الفصول الدّراسيّة؟
للحصول على أفضل ما في العالمين الحقيقيّ والاصطناعيّ، يُنصح المعلّمون بالحفاظ على توازن بين التّعلّم المتقدّم والتّقليدي عبر:
- الانتقائيّة في استخدام التّقنية: اتّخذ قرارات مبنيّة على خطط بشأن الموضوعات الّتي ستقدّمها إلى طلّابك عبر التّقنية الاصطناعيّة. واستخدمها للموادّ المعقّدة أو التّقنية الّتي يصعب فهمها بطرق التّعلّم التّقليديّة.
- توفير موادّ تعليميّة تكميليّة: تأكّد من تزويد طلّابك بموارد إضافيّة؛ تزيد من نتائج تعلمهم حين يتعلّق الأمر بالتّقنية الاصطناعيّة؛ حيث يمكنك، على سبيل المثال، إجراء مناقشات جماعيّة وجلسات أسئلة وأجوبة وإجراء اختبارات لدعم دورات الواقعين الافتراضيّ والمعزّز بأعلى معايير المحتوى.
- التّركيز على حصريّة التّجارب: استثمر في مرونة الزّمان والمكان لخلق دروس لا تُنسى؛ فعلى سبيل المثال، استخدم الواقعين الافتراضيّ والمعزّز للسّفر إلى حقب تاريخيّة مثل: إحدى الحربين العالميّتين أو عصر قديم مثل العصر الحجريّ. وبإمكانك تطبيق هذا على المواقع الجغرافيّة، حيث يمكن للواقع الافتراضيّ إعادة إنشاء مواقع صعبة الوصول، مثل غابات الأمازون المطيرة أو كوكب المريخ.
- التّوسع في مجالات ومهارات مختلفة: لا تقيّد استخدام تقنيات الواقع الاصطناعيّ على مجموعة معينة من الموضوعات، وضع في اعتبارك إمكاناتها في أيّ موضوع تتعامل معه؛ على سبيل المثال، استكشف كيف يمكن أن تساعد الطّبيعة الغامرة للواقعين الافتراضيّ والمعزّز على تحسين مهارات الكتابة الإبداعيّة للطّلّاب أو مهارات التّقديم، والتّعلّم المستقلّ، وحلّ المشكلات، والمهارات و المتطلّبات الأكاديميّة الأخرى الّتي تغطي أكثر من مادّة دراسيّة واحدة.
لم تعد تقنيات الواقعين الافتراضيّ والمعزّز أحلاماً مستقبليّة، وهي الآن أدوات مفيدة ذات إمكانات كبيرة متأصّلة للنّهوض بالتّعليم. ومع ذلك ورغم أنّها توفّر العديد من مزايا التّعلّم، إلا أن استخدامها المناسب والآمن يتطلّب من الجميع مراعاة مجموعة من معايير التّعلّم التّفاعلي والفعّال.