العمل الإلكتروني والعمل عن بُعد: ما عليك معرفته

مع بدء انخفاض حالات الإصابة بفيروس كورونا انتقل العالم تدريجيّاً نحو تخفيف القيود المرافقة للإغلاق، وبالرّغم من عودة الأمور إلى "طبيعتها" يبقى العمل عن بُعد قيد التّطبيق؛ فقد قامت شركات عدّة، مثل غوغل وتويتر وسواهما من شركات التّقنية الكبرى، بإعلام موظّفيها عن متابعة العمل من المنزل حتّى بعد انقضاء عام 2020. إنّ العمل عن بُعد لا يقتصر فقط على البقاء في المنزل أمام جهاز الحاسوب، المحافظة على العمل كما كان عليه في المكتب؛ فبالإضافة إلى التّباعد الجسديّ، يقدّم هذا النّوع من العمل تحدّيات حقيقيّة؛ تؤثّر على أداء الموظّف وعلى حياته وتوازنه الشّخصيّ.

فوائد العمل الالكتروني للموظف

أسلوب حياة أفضل:

من المعروف أنّ العاملين عن بُعد يتعرّضون لقدر أقل من الإجهاد؛ فتوفير وقت التّنقل بين المنزل والعمل يتيح للموظّفين أن يكونوا أكثر كفاءة وإنتاجيّة. علاوة على ذلك، يسهّل العمل من المنزل إدارة الحياة اليوميّة؛ فبفضل هذه المرونة الإضافيّة، يتمتّع الموظّفون بالقدرة على تكريس المزيد من الوقت لعائلاتهم وشغفهم؛ ما يسمح لهم بالحصول على نمط حياة خالٍ من التّوتّر، وأكثر سلامة وتوازناً بين العمل والحياة؛ ما قد يُفضي إلى قدر أكبر من الرّضا والسّعادة.

الشعور بالحرية:

بالإضافة إلى البيئة الخالية من التّوتر، يخلق العمل عن بُعد شعوراً حقيقيّاً بالحرّيّة، وإنجاز المهمّة يعني أنّ كلّ شيء يسير وفقاً للخطّة. كما يستطيع العامل عن بُعد السّماح لنفسه بالنّوم لساعة إضافيّة أو اثنتين، والجلوس براحة أمام جهاز الحاسوب، والاستعداد ليوم جميل "في العمل". يُمكن للموظف أن يكون مستقلّاً ومنتجاً في الوقت ذاته. وأفضل ما في الأمر أنّه لا يشتّت انتباه زملائه. كما يؤدّي مناخ العمل هذا إلى أداء احترافيّ، ويعطي شعوراً حقيقيّاً بالحرّيّة، دون وجود نشاطات زائدة عن الحاجة؛ إذ يتمتّع الموظّفون بحرّيّة تحديد جداول عملهم، وإعداد خطّة عملهم الخاصّة.

تحديات العمل عن بُعد للموظف

شعور بالعُزلة:

يواجه الموظّف الّذي يعمل من المنزل بعض التّحدّيات إذا لم يحقّق التّوازن المناسب؛ فالمشكلة الأكبر في العمل عن بُعد هي: قلّة التّفاعل مع الآخرين؛ فقد تهيمن مشاعر العزلة، وتراجع الثّقة وفقدان الحماس، على الحياة اليوميّة للعاملين عن بُعد بسبب ذلك؛ ما يقلّل من جدوى التّواصل مع الآخرين، واعتياد ذلك بسرعة. كما تبدو إمكانية الحصول على ترقية صعبة حينها، حتّى لو لم يكن الأمر كذلك بالفعل.

الحاجة إلى المزيد من الانضباط:

يُظهر الموظّف في بداية الأمر اهتماماً أكبر بعمله؛ عبر وضع جدول صارم لبداية العمل، ونهايته، وفترات الراحة، ولكن عند اعتياده على هذا الأمر المكرّر  يشعر العامل عن بُعد بالتّعب والملل؛ فيكفّ عن الالتزام بجدول عمله الخاصّ، ما يؤثّر ذلك سلباً على إنتاجيّته، ويكون سببًا في إهدار وقت كلّ من الموظّف وصاحب العمل في آن معًا. 

فوائد العمل عن بعد لصاحب العمل

توفير كبير في النفقات:

لا يستفيد العاملون عن بعد من ذلك وحدهم؛ فالسّماح للموظّفين بذلك، يوفّر النّفقات الماليّة على الشّركات؛ إذ لا حاجة حينها لدفع الإيجار، ورسوم الصّيانة وتعويضات التّنقل. وإضافة إلى زيادة الإنتاجيّة بفضل العمل عن بُعد، يمكن ملاحظة انخفاض معدل التّغيب بشكل جليّ، وتزايد التّواصل بين الزملاء، وزوال أسباب التّشتّت كالمُحادثات الهاتفيّة والكلام الجانبيّ.

الوصول‌ ‌العالمي‌:

يسمح العمل عن بُعد للشركات بالوصول إلى مجموعة أكبر من المواهب بفضل الامتداد العالمي المتاح للموارد البشرية، وهو الأمر الذي يُثري العمل بتجارب متعددة الثقافات، ويتيح له الاستمرارية.

تحديات العمل عن بُعد لصاحب العمل

صعوبة الإشراف على العمل:

بما أنّ جميع أشكال التّواصل تتمّ عبر الإنترنت؛ يجد صاحب العمل نفسه في موقف حسّاس؛ لأنّه لا يستطيع مراقبة موظّفيه، وتحديد أدائهم؛ حيث يغفل صاحب العمل عن أداء موظّفيه بسبب عدم قدرته على معرفة ما إذا كان الموظّف يعمل في الحقيقة، أو يواجه صعوبات في إنجاز مهامّه؛ فتصبح متابعة كلّ شيء في الوقت ذاته أمراً شبه مستحيل بسبب صعوبة التّواصل الشّخصيّ. 

صعوبة الثقة والتحفيز:

نظراً إلى عمل الموظّف المنفرد، وغياب روح الفريق، يتحتّم على صاحب العمل إقامة جلسات تحفيز دوريّة. إضافة إلى أنّ المديرين سيضطرّون إلى الثّقة بموظّفيهم أكثر، ومقاومة الميل أو الرّغبة بالعمل وفق الإدارة التّفصيليّة.

بالنّسبة للبيئة: العمل عن بعد كلّه فوائد!

يحدّ العمل عن بعد من التّنقّل، وانبعاثات (ثاني أكسيد الكربون)، ويقلّل بالتّالي من تلوّث الهواء، والضّوضاء في المدن، والمناطق المزدحمة. كما أنّه يساعد على توفير استهلاك الطّاقة لمباني الشّركات ومكاتبها؛ فلا حاجة لتشغيل الأضواء والتّكييف، أو استخدام الأجهزة الإلكترونيّة.

إضافة إلى ما سبق، فإنّ العمل عن بُعد يطرح أيضاً تحدّيات حقيقيّة فيما يخصّ السّلامة بالنّسبة لأصحاب  العمل و العاملين.

فكيف يُمكن الحفاظ على السلامة أثناء العمل عن بُعد؟

نصائح للموظفين:

• تأكد من أن يكون اتصالك بالإنترنت آمناً.
• تأكد من وجود برنامج "آنتي فايروس" دائم التحديث، وتحقق من تحديث جميع برامج الأمان.
• اتبع استراتيجية للنسخ الاحتياطي واحرص على تنفيذها.
• أقفل الشاشة إذا كنت تعمل في مساحة مشتركة.
• تحقق من تثبيت أدوات التشفير.
• احمِ المستندات المادية (المستندات الورقيّة الّتي تعمل عليها على سبيل المثال).

نصائح لصاحب العمل:

• أبلغ الموظفين بكيفية التصرف في حالة حدوث مشكلة.
• اجعل دعمك لإيجاد الحلول عن بُعد من الأولويات.
• زوِد حلولاً افتراضية (استخدام التوقيع الإلكتروني على سبيل المثال).
• قدّم المساعدة الكافية لدى حصول مشكلة.
• حدد إجراءً واضحاً لمتابعة التطورات في حالة وقوع حادث أمني.
• اعتبر تقييد الوصول إلى الأنظمة الحساسة أمراً وارداً.

إن العمل عن بُعد يوفّر العديد من المزايا للشّركات والموظّفين في الوقت ذاته، وعبر توافر النّظام والتّعاون المناسبين بين أصحاب العمل و العاملين يمكن أن يكون ذا فائدة للجميع.